الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
قال صاحب التنبيهات: هي بيع المنافع، ويقال: أجر بالمد والقصر، وأنكر بعضهم المد، وهو منقول. وأصل هذا كله: الثواب، وفي الصحاح: الأجرة الكراء، قلت: ولما كان أصل هذه المادة الثواب على الأعمال، وهي منافع: خصصت الإجارة ببيع المنافع على قاعدة العرب في تخصيص كل نوع تحت جنس باسم لتحصيل التعارف عند الخطاب كما منعت في السلم والصرف وغيرهما مع اندراجها تحت المعاوضة، والإنسان والفرس مع اندراجهما تحت الحيوان، وقد غلب وضع الفعالة بالكسر للصنائع نحو: الصناعة، والخياطة، والنجارة، والفعالة - بالفتح - لأخلاق النفوس الجبلية، نحو: السماحة، والشجاعة، والفصاحة، والفعالة - بالضم - لما يطرح من المحتقرات، نحو: الكناسة، والقلامة، والنخالة، والفضالة. وأصل مشروعيتها: قوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) وقوله تعالى حكاية عن ابنة شعيب - عليه السلام -: (قالت إحداهما يا أبت استأجره) فقال لموسى - عليه السلام -: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) وشرع من قبلنا شرع لنا، وقاله الأئمة، ومنعها بعض العلماء؛ لأنه بيع ما لم يقدر على تسليمه عند العقد، وليس سلما في الذمة. وجوابه: هذه النصوص، ولأن تسليم الرقاب تسليم منافعها، وقبض الأوائل كقبض الأواخر. وفي الكتاب: ثلاثة أبواب: وهي أربعة: الركن الأول والثاني: المتعاقدان، ويشترط أهلية المعاملة، وفي النواد: قال مطرف وعبد الملك: يجوز لك إجارة غير البالغ من نفسه إذا عقل وكان نظراً، ويدفع لا الأجرة ويبرأ بذلك ما لم يكن شيئاً له بال، فإن كان محاباة فعليك تمامها، وكذلك قلنا في المبيع، ووافقنا (ح)، وقال (ش): ليس للصبي أهلية تعاطي الأسباب القولية، ولا تنعقد منه، بخلاف الفعلية كالاحتطاب ونحوه، فإنه يملك بها، وفرق بأن القولية يتعلق بها إلزام التسليم، وهو تكليف يأباه طوره بخلاف الفعلية. قاعدة: الأحكام قسمان: أحكام تكليف تتوقف على علم المكلف وقدرته وبلوغه: كالصلاة، والزكاة، وأحكام وضع، وهي نصب الأسباب، والشروط، والموانع لا تتوقف على ذلك كالتوريث بالأنساب، والطلاق بالإعسار، والإضرار، وترتيب الضمان على إتلاف المجانين والعاقلين، ونحو ذلك، والبيع والإجارة سببان، فمقتضى هذه القاعدة صحتهما مع الصبي في ذي البال وغيره، غير أن الشرع راعى في ذلك مصلحة صون الأموال عن الضياع بسبب قصور النظر فيكون الحق ما قلناه. فرع: في الكتاب: كره للوصي الشراء من مال اليتيم أو يؤاجره من نفسه للتهمة، فإن فعل أمضى الإمام الصواب ورد الضرر، وكذلك الأب في ابنه الصغير، قال اللخمي: إذا كانت إجارة الوصي فيها حيف وفاتت كان له الأقل من المسمى أو أجرة المثل لوجود السببين، فإن أجر يتيمه (من نفسه) مضى إن كان خيراً له، وإلا رد، فإن فات بالعمل فلليتيم الأكثر من المسمى أو المثل، وكذلك إجارة الأب نفسه من ولده، إلا أن يكون الأب فقيراً تلزمه نفقته فله المسمى، وإن كان أكثر من أجرة المثل إذا كان المسمى يقتضي له به في النفقة، وإلا سقط الزائد، وإن أجر الوالد الولد من نفسه، ومثله لا يؤاجر، فسخت الإجارة لمخالفة العادة، وله إجارة الولد الموسر إذا كان خيراً له؛ لأنه تنمية لماله. وفي الكتاب: إن اشترى الوصي من مال اليتيم أعيد للسوق، فإن زيد عليه بيع وإلا لزمه ما سمى، وكذلك كراء البهيمة إلا أن يكون الكراء قد فات فيسأل أهل المعرفة عنه، فإن كان فيه فضل غرمه وإلا فما سمي، قال ابن يونس: يعني بالسوق: قبل أن يحول، وإلا إن كان الشراء بالقيمة مضى، وبأقل غرم الزائد، فإن كان مكيلاً أو موزوناً لا تُفيته حوالة الأسواق وقد زاد سوقه: فالأشبه إمضاؤه، ولا يرد للسوق؛ لأنه ضرر بالوصي، وهو لم يضر باليتيم. فرع: في الكتاب: إذا استأجر صبياً أو مجنوناً بغير إذن وليه، امتنع، فإن وقع فالأكثر من المسمى أو أجرة المثل لوجود السببين، كالتعدي في الدابة والغصب، فإن عطبا في عمل يعطب في مثله: خيّر السيد بين الكراء وقيمة العبد لوجود السببين كذلك، وفي الصبي الأكثر من المسمى والأجرة والدية على العاقلة، وإذا أنكر السيد إذنه لعبده غب الإجارة لم يضمن مستعملة بأجر؛ لأن الأصل براءته من الضمان إلا أن يؤاجره في غرر كالبئر ذات الحمأة تحت الجدرات، وإن أذن السيد؛ لأنه لم يؤذن له في التغرير بنفسه، وإن سافر به بغير إذن سيده ضمنه، قال صاحب التنبيهات: سواء هاهنا وفي كتاب الاستحقاق بين الغصب والتعدي، وفرق بينهما في كتاب الغصب والآبق إذا استعملة بغير إذن سيده ضمنه في العمل الذي لا يعطب في مثله لوضع يده عليه كالغاصب، وإذا استعانه في الخياطة فعطب حتف أنفه ففي تضمينه قولان، فإن كان العمل يهلك غالباً ضمن اتفاقاً إذا هلك بسببه، وإلا فخلاف، ويضمن بالسفر اتفاقاً هلك أم لا؟ ويخير سيده بين القيمة والأجرة، وله الأجرة إلى يوم السفر، ولا يضمن في السفر القريب الذي لا يحبسه عن أسواقه، وعن مالك: يضمن العبد في الاستعانة فيما مثله الإجارة بخلاف الإجارة فيه، فقيل: هذا خلاف ابن القاسم لأنه لا يضمن في الإجازة إلا فيما يعطب في مثله، ويضمن في الاستعانة فيما يستأجر على مثله، وإن لم يعطب فيه؛ لأن العبد لم يؤذن له في هبة منافع نفسه، وهما سواء عند مالك يضمن فيما في مثله الإجازة، وإن كان لا يعطب في مثله، وقيل: إنه وفاق في الاستعانة، وقيل: لا ضمان فيها إلا فيما يعطب في مثله، وعليه حمل التونسي مذهب الكتاب، قال اللخمي: إذا استؤجر الصبي بغير إذن وليه، أمضاه وليه إن كان نظراً وإلا رده، وفي الكتاب: إذا استعان غير بالغ فيما في مثله الإجارة ضمنه، وما لا إجارة فيه كمناولة النعل ونحوه فلا عقل فيه في حر ولا عبد. قاعدة: أسباب الضمان ثلاثة: الإتلاف: كإحراق الثوب وقتل الدابة، والتسبب للإتلاف: كحفر البئر ليقع فيه معصوم الدم أو الاستعمال في الغرر، ووضع اليد غير المؤمنة: كالغاصب، وقابض المبيع بالعقد الفاسد . فعلى هذه القاعدة: تتخرج هذه الفروع المتقدمة. فرع: في الكتاب: إذا بلغ اليتيم في أثناء المدة لا يلزمه الباقي، وقاله (ش) و(ح)؛ لأن الأقل عدم نفوذ تصرف الإنسان على غيره، وكالأمة تعتق تحت العبد إلا في اليسير كالشهر لأنه تبع، وألزمه أحمد مطلقاً؛ لأن تصرف الولي صحيح، والصحيح لا يبطل. وجوابه: إن كشف الغيب على أن الصحة مخصوصة ببعض المدة، فإن ادعى الصحة مطلقا فهي مصادرة، ولا يؤاجره وصي ولا أب بعد احتلامه لزوال الحِجر، وأما كراء ربعه ودوابه سنين فاحتلم بعد سنة ولم يظن به ذلك لزمه الباقي؛ لأن الولي معذور، ولولا ذلك لتزلزلت قواعد تصرفه، وقال غيره: لايلزمه إلا فيما قل كالنفس، وإن ظن به بعد البلوغ قبل العمدة لم يلزمه في نفسه ولا في ملكه؛ لعدم العذر في التصرف، وأما السفينة البالغ يعقد عليه وليّه أو السلطان ربعه أو رقيقه فتلتزمه العمدة إذا انتقل حاله؛ لأن انتقاله غير منضبط بخلاف البلوغ، وقال غيره: إنما يؤاجر على مثل هذا هذه الأشياء نحو السنة؛ لأنه غالب كراء الناس، وله فسخ ما كثر، قال صاحب التنبيهات: ظاهر كلامه يقتضي الخروج من الإيصاء، ولا خلاف أن هذا لا يكون في الوصي، واختلف في الأب، والمشهور التسوية، بل يحمل على أنه بلغ رشيداً. فرع: في الكتاب: ليس لك كراء ربع امرأتك إلا بإذنها؛ لأنها مطلقة التصرف. الركن الثالث: الأجرة، وكل ما صح أن يكون ثمناً في البياعات صح أجرة؛ لأنها معاوضة مكايسة، وقاله الأئمة، وفي الكتاب: يصح طحن إردب بدرهم وقفيز من دقيقه، ومنعه (ح) و(ش)؛ لأن الدقيق معدوم ليس في الذمة، والمعدوم لا يصح إلا في الذمة كالسلم. وجوابه: لا نسلم أنه معدوم، بل هو أجزاء هذا القمح تفرقت، وكذلك الزيتون وعصره بنصفه؛ لأنهما لا يختلفان بعد العصر، ولجواز بيع نصفها كذلك، فإن كان يختلف امتنع، وتمتنع الإجارة على سلَم الشاة بشيء من لحمها لأنه مجهول قبل السلخ، قال صاحب النكت: أن هلك القمح قبل الطحن انفسخت الإجارة لنعذر طحنه أو بعده وقبل القبض للطعام، وكانت قيمة الويبة أربعة دراهم، كان الدرهم خمس الأجرة يأخذه أو أجرة المثل في أربعة الأخماس، وعن أبي الحسن: إذا دبغ جلوداً بنصفها قبل الدباغ على أن يدفعها كلها، فإن فاتت بالدباغ فعلى الدباغ نصف قيمتها يوم قبضها، وله أجرة المثل في النصف الآخر لحصول العمل، وإن دبغها بنصفها بعد الدباغ فدبغت فهي كلها لربها؛ لفساد العقد بسبب الجهالة بحالا المدبوغ، وللدبّاغ أجرة مثله، وإن فاتت بعد الدباغ قبل ربها بحوالة سوق لزمه نصف قيمتها يوم خروجها؛ لأنها يومئذٍ على ملك ربها، وله أجرة مثله في الجلود كلها؛ لأنه دبغها على ملك ربها، قال اللخمي: منع محمد مسألة الطحن لاختلاف خروج الدقيق، فإن لم يعلم ضياع القمح إلا من قوله: فهل يغرمه ويطحنه ويأخذ ويبته؛ لأنه غاب عليه أو يصدق مع يمنيه، أو لا يطحن إلا ما قابل الدراهم؟ قولان لابن القاسم، فإن طحنه ثم ادّعى ضياعه غرمه مطحوناً واستوفي ويبته؛ لأنه متهم، فإن شهدت البينة بضياعه فلا ضمان ولا أجرة عند ابن القاسم؛ لعدم تسليم العمل، وقيل: يأتي ربه بطعام ويطحن ما ينوب الدرهم؛ لأن العقد أوجب له الدرهم في ذمة ربه، وقيل: له الأجرة فيأخذ الدرهم وأجرة المثل فيما ينوب الويبة. ويجوز على قول أشهب الإجارة على الذبح أو السلخ برطل لحم؛ لأنه يجوز بيع ذلك اعتماداً على الحبس والجزر لصفة اللحم، قال ابن يونس: منع ابن حبيب طحن القمح بنصف دقيقه والفرق بينه وبين الويبة: اختلاف الربع. فرع: في الكتاب: يمتنع: إن خطتّه اليوم فبدرهم أو غداً فبنصف درهم، أو خياطة رومية فبدرهم، أو عربية فنصف درهم، وقاله الأئمة؛ لأنه كبيعتين في بيعه، فإن خاط فله أجره مثله لفساد العقد، وقال غيره في المسألة الأولى: إلا أن تزيد على الدرهم أو تنتقص من نصف درهم، فلا يزاد، ولا ينقص؛ لأنه رضي بذلك، قال ابن يونس: والأول أصوب كالبيع الفاسد، وعلى قول ابن القاسم: له تعجيل الخياطة، وله أجرة المثل على أنه تعجل، وأن أخرها فعلى أنه مؤخر، وعن مالك في أجراء يخيطون مشاهرة فيدفع لأحدهم الثوب على أن خاطه اليوم فله بقية يومه، وإلا عليه تمامه في يوم آخر، ولا يحسب له في الشهر: يجوز في اليسير الذي لو اجتهد فيه لأتمه. ويمتنع في الكثير، ولو استأجره على تبليغ كتابه إلى بلده ثم قال بعد الإجارة: إن بلغته في يوم كذا فلك زيادة كذا، فكرهه، واستحسنه في الخياطه بعد العقد، قال ابن مسعدة: هما سواء، وقد أجازهما سحنون وكرههما غيره. فرع: قال ابن يونس: قال مالك: يجوز دفع الثوب للخياط، وتراضيه بعد الفراغ على الأجرة لذهاب الغبن، وعنه: المنع في الجعالة والإجارة بغير تسميته للجهالة عند العمل بما يتراضيان به بعده. فرع: قال: إذا قلت: أخيطه بدرهم، وقال: بدرهمين، فخاطه، فليس له إلا درهم، قال ابن القاسم: لأنك أعلمته بما ترضى به، وكذلك يلزم قول ساكن الدار. فرع: قال: قال مالك: إذا ألقيت متاعك بفلاة للعجز، فحمله رجل بنفسه، فلك أخذه وإعطاء أجرة المثل، وكذلك الدابة لربها أخذها وأعطاه النفقة، ولا شيء عليه في قيامه عليها؛ لأنه قام لنفسه. فرع: في الكتاب: يجوز كراء الدابة على أن عليك رحلها أو نقلها أو علفها وطعام ربها، أو على أن عليه طعامك ذاهباً وراجعاً، وإن لم توصف النفقة؛ لأنه معلوم عادة، أو كذلك إجارته بكسوته أجلاً معلوماً، قال ابن يونس: لو،وجده أكولا له فسخ الإجارة؛ لأنه عيب، إلا أن يرضى الأجير بالوسط، وليس لك إطعامه الوسط إذا لم يرض؛ لأن ذلك مهلكة، وقيل: يطعمه الوسط لأنه العادة، كمن أجر على حمل رَجلين فأتاه بقارحين، يردها أو يحمل الوسط، والفرق: أن المحمول لا يتعين؛ لأنه لومات لم يفسخ الكراء، ولو تزوجها فوجدها أكولة لم يفسخ النكاح؛ لأن المرأة لا ترد بغير العيوب الأربعة من العيوب، والكراء بطعام مضمون لايعين له أجل ولا موضع قبض ولا عادة، فاسد، ومنع (ش) الأجرة بالمؤنة والكسوة وبعمارة الدار، قياساً على البيع، وجوزه أحمد، وخص (ح) الجواز بالظئر إلحاقاً بالزوجات. فرع: في الكتاب: يمتنع الكراء بمثل ما يتكارى الناس للجهالة، فلعله لو اطلع لم يرض. فرع: قال اللخمي: إذا دفع خمسين جلداً لتدبغ بخمسين أخرى جاز إن شرط تعجيلها، وإن شرط تأخيرها حتى تدبغ امتنع؛ لأنه معين يتأخر قبضه، وإن سكت منعه ابن القاسم؛ لأن الأجرة لا تستحق إلا بعد العمل، وعلى قول ابن حبيب: يجوز ويتعجل القبض نفياً للغرر، ويحوز نصف هذه المائة بنصفها، ويتعجل النصف إن كانت مستوية في القيمة، وإلا امتنع للجهل بما يدفع من العدد لا للجهل بالأجرة؛ لأن بيع نصفها جائز على الشياع، فإن قاسمه ودفع جميعها فله ما أخذه بقيمته يوم قبضه بعد القسمة، وله أجرة المثل في البعض الآخر، أو دبغ هذه المائة بنصفها يمنع اتفاقاً؛ لأن الجميع يدبغ على ملك المؤاجر، وله النصف بعد الدباغ، فإن شرع في العمل مكن من التمادي، فإن نزعها مضرة، وكذلك نسج البرد بنصفه فإن فاتت في يديه بعد الدباغ بحوالة سوق فما فوقه وقد دبغت على أنه شريك فيها: ضمن نصف قيمتها يوم الفراغ، ويختلف إذا قال: لك نصفها من اليوم على أن تدبغ جميعها، فشرع في الدباغ: هل يكون ذلك فوتاً ويضمن نصف قيمتها أو ليس بفوت؛ لأنه غير متمكن من ذلك النصف لما ألزمه أن يدبغه؟ قال: والأول أبين. فرع: في الكتاب: أكر هذه الدابة ولك نصف الكراء، يمتنع للجهالة، والكراء لك، وله أجرة مثله إذا عمل عليها، وما حصل بيننا فالمتحصل له، وعليه كراء المثل؛ لأنه هاهنا مستأجر، وفي الأول أجير، قال صاحب التنبيهات: اعمل عليها فما كان بيننا. أصله: أن كل ما يتنقل ويتولى هو النظر فيه فكما تقدم، وما لا ينتقل وينظر فيه كالدباغ فهو أجير، والمكسب لربه، ويستوي فيه قوله: اعمل فيه أو آجره. فإن قال: اعمل لي عليها بزيادة قوله: (لي): فعن ابن القاسم في رواية المدونة: كسبها للعامل، وزيادتها كعدمها، وفي الجلاب: زيادتها توجب الكسب لربها؛ لأنه أضاف العمل لنفسه، قال اللخمي: إذا قال: اعمل عليها، فأكراها، قال ابن القاسم: الكسب للمستأجر، ولصاحبها أجرة المثل، وفي كتاب الشفعة: الكراء لصاحبها. لا ضمان المنافع منه بخلاف البيع الفاسد. فإن قال: أكراها ولك نصف كرائها، فأكراها للسفر وخرج معها أسواقاً فله حصة السوق مع الكراء وأجرة المثل في تولي العقد، إن كان تولي حفظها بعد انفصال الكراء وردها فله أجر آخر، وقوله: في الشفعة: يعمل عليها، سواء، الكراء لربها وله أجرة المثل؛ لأنه إنما يتولى الفعل، ولو سافر بها بمتاعه فاكترى له، ولصاحبها أجرة المثل، وأما الحمام والفرن: فإن لم يكن فيهما دواب ولا آلات الطحن، فالأجرة للعامل، وعليه أجرة المثل، وإن كانا بدوابهما، وصاحبهما يشتري الحطب، أو هما، فالأجرة لصاحبها وللعامل أجرة المثل؛ لأنه قيم فيهما، وكذلك الفندق هو قيم فيه، وقوله: أكره، واعمل عليه، سواء، قال ابن يونس: إذا قال اعمل على الدابة وما حصل بيننا، فعمل ولم يجد شيئاً فعليه كراء المثل لاستيفائه العمل، قال محمد: إن لم يسلم الدابة له بل عمل معه فالكسب لربها وعليه أجرة المثل؛ لأنه أجير معه، ويمتنع: احتطب على الدابة ولي نصف الحطب، بخلاف لي نقلة ولك نقلة؛ لأن مقدار النقلة معلوم عادة، ومقدار الحطب يختلف بكثرة النقلات وقلتها، وأجازهما يحيى بن سعيد؛ لأن احتطاب الدابة في اليوم معلوم عادة، وجوز ابن القاسم: اعمل عليها، اليوم لي ولك غداً، فإن علم لنفسه اليوم ثم تعقب قبل العمل لربها فعليه كراء ذلك اليوم، وإن بدأ بالعمل لربها ثم تعقب دفع أجرة عمله لذلك اليوم، وقيل: إن بدأ بيوم الأجير أتاه بدابة أخرى توفية للعقد، قال محمد: وإنما يجوز مثل هذا خمسة أيام بخلاف الشهر؛ لأن الأجرة تتعجل بشرط تأخير القبض مدة طويلة وهو ممنوع، ويجوز: استأجرك أو دابتك: اليوم تنقل كذا بدابتي وأنقل لك غداً، بخلاف: أعني بكسب دابتك اليوم، وأعطيك ما تكسب دابتي غداً، وكذلك لو كانت بينكما أو العبد، قال مالك: ويجوز: استخدمك أنت اليوم وأنا غداً، أو شهراً بشهر، ومنع محمد إلا في خمسة الأيام ونحوها؛ لأنه أجرة بشرط التأخير في المعنى، وفي النوادر: قال مالك: لايدفع دابته بنصف ما يحطب. قال محمد: يريد بنصف الثمن، وأما الحطب فيجوز؛ لأن الحطب ينضبط المحصل منه عادة، والأسعار تختلف. فرع: في الكتب: احمل طعاماًَ إلى موضع كذا ولك نصفه: يمتنع؛ لأنه بيع معينٍٍ (يتأخر قبضه)، قال ابن يونس: أجازه أشهب حتى يشترط التأخير لعدم تعين الفساد. فإن نزل: قيل: للحمال نصفه، وعليه مثله في الموضع الذي حمله منه، وله أجرة المثل في النصف الآخر مابلغ، وأعيب هذا لأنه يلزم إذاهلك الطعام أن يضمن نصفه؛ لأنه بالقبض في ذمته، بل الطعام كله لربه وعليه الأجرة، قال: وهوالصواب كمسألة الجلود وغيرها، الجلود لربها، وعليه الأجرة، فإن ادعيت أن المعاملة وقعت بشرط التعجيل لنصيبه، وادعى أنها وقعت بشرط التأخير صدقت؛ لأن الأصل الصحة وتضمنه مثل مكيله الآخر في موضع الحمل، ولا كراء له؛ لأنه البلاغ، فإن كانت عادة صدق مدَّعيها وإن كانت فاسدة. فرع: في الكتاب: يجوز إجارتك على بناء دراك هذه، والجص والآخر من عنده؛ لأن مقدار العمل والمؤن معلوم عادة، وقال غيره: يجوز ذلك قبالة إذا لم يشترط عمل يديه، ويقدم النقد حذراً من الدين بالدين، قال ابن يونس: هذه إجارة وبيع الآجر والجص في عقد، وقول الغير خلاف لابن القاسم، وابن القاسم يجيز عمل رجل بعينه؛ لأنه شرع في العمل، وقيل: إنما يصح قول ابن القاسم على أحد وجهين: إما على أن يعمل الجص والآجر بيده فيصح، كما يأخذ من الخباز والجزار كل يوم مقداراً، ويؤخر الثمن، فيجوز تقديم النقد وتأخيره إذا شرع في العمل، أو يكون المعجل من الآجر والجص يسيراً ويتأخر الأكثر، مثل أجل السلم؛ لأنه جعله في عمل رجل بعينه فامتنع تأخير إجارته؛ لأنه عقد مع عمله سلماً، فإن تأخر عمله لأجل سلم الآجر والجص، وانتقد الأجرة، امتنع؛ لأنه رجل بعينه، قال ابن حبيب: كل ما استعمل فيه الصناع فهو عمل مضمون حتى يشترط عمل أيديهم. وإلا فلهم استعمال غيرهم إلا من العادة قصده لجودة عمله، قال اللخمي: تجوز مسألة الكتاب إذا شرع في العمل أو بعد الأيام اليسيرة، ويجوز فيها الثمن نقداً أو مؤجلاً. وإن لم يشترط شيئاً نقد ما ينوب المدة، وما ينوب العمل انتقد منه كل ما مضى يوم بقدر عمله، فإن كان الصانع والمؤن مضمونين جاز على أحكام السلم إلى أجل معلوم، ويقدم رأس المال، وإن كان للبناء عندهم زمن معلوم حملاً عليه إن سكتا، وإن شرط الابتداء بعد يوم جاز على قول مالك في المسلم إلى ذلك، وإن كان الفراغ من العمل في اليومين جاز تأخير رأس المال الأمد البعيد، ويكون المعجل ديناً للمؤجل، وإن تأخر البناء المدة البعيدة وجب تقديم رأس المال الأجل المضمون؛ لأن الغالب تراخي البناء إلى أجل السلم، سواء كان المتأخر المؤن أو البناء، وهذا كان المعين أو المضمون سواء، أو المضمون الأكثر، وإلا جاز تأخير جميع الثمن عند أشهب، واختلف في المتساويين، ويشترط تقديم ما ينوب المضمون وتأخير ما ينونب المعين هل يجوز كما لو اشترطا أو يفسد لأنه لم ينقد جميع ما ينوب المؤجل؟ وكل هذا إنما يجوز إذا وصف البناء بعدد المساكن وسعتها وعرض الحوائط وارتفاعها، وإن كان المصنوع منه غير معين وصف أيضاً. فرع: في الكتاب: يمتنع إجارة بيت الرحا من رجل، والرَّحا من آخر، ودابتها من آخر في كل شهر بكذا في عقد واحد؛ للجهل بحصتها من الأجرة إلا بالتقويم، وكذلك في الاستحقاق، وإجارة غيره كجمع الرجلين سلعتيهما في عقد، قال ابن يونس: فإن نزل على مذهب ابن القاسم على كل واحد أجرة مثله لفساد العقد، وقيل: تقسم الأجرة المسماة على قدر أحد هذه الأشياء. فرع: قال ابن يونس: إن دفع له موضعاً يني فيه رحا بغلة يوم في الشهر: الغلة للعامل، وعليه أجرة المثل لجهالة الأجرة، ويخير بين قلع البناء وإعطائه قيمته مقلوعاً، قاله ابن القاسم؛ لأنه استحق الهدم وقال يحيى بن يحيى: بل قائماً؛ لأنه وضعه بإذنه بخلاف الاستحقاق، وقيل: للباني قيمة ما دخل من خشب وآجر وجص يوم وضعه فيها؛ لأن وضعه كتسليم رب الأرض له، وله أجرة عمله في ذلك، والغلة لرب الأصل، ويرد في الطعام مثل كيله، فإن جهل الكيل فقيمة ذلك المقدار دون قدره حذراً من الطعام متفاضلا. فرع: في الكتاب: يمتنع تعليم العبد الكتابة سنةً بنصفه لعجزه عن قبض نصيبه قبل السنة، وقد يموت فيذهب العمل باطلاً، ويجوز على تعليمه الخياطة بما يخيطه مدة التعليم؛ لأنه متعارف عادة، قال صاحب النكت: إذا نزل الأول فله أجرة مثله، والعبد لسيده إن جعله له بصفته بعد السنة، وإن جعله له الآن. امتنع أيضاً، وإن فات العبد منهما، وعلى المعلم نصف قيمته للآخر، وعلى الآخر نصف قيمة تعليمه، قال بعض الشيوخ: إذا دفعه له يلعمله سنة فمات في نصف السنة فربما كان أجر التعليم في النصف الأول الثلثين؛ لأن تعليمه أشق، وأجر عمله الثلث لضعف صنعته في النصف الأول، وفي النصف الثاني الثلثين لقوتهما فحينئذ يسقط من أجرة المثل نصفها، ويكمل له الثاني، وعلى هذا التقدير يعمل، وإن استأجر العبد على حمل الطعام إلى بلد بنصفه، ولم يشترط قبضه الآن ولا في البلد: فعلى مذهب ابن القاسم: هو على الفساد حتى يشترط القبض الآن، ويُجيزه غيره حتى يشترط تأخيره للبلد، فإن شرط تأخيره للبلد، وحمل الطعام: قيل يكون للحمال نصفه، وعليه مثله في الموضع المحمول منه، وله كراؤه في النصف الآخر، وقيل: يلزم على هذا لو هلك الطعام أن يضمن نصفه؛ لأنه بالقبض حصل في ذمته وهو بعيد؛ لأنه إنما جعله له بعد الوصول، قال ابن يونس: قال أبو محمد في المسألة الأولى: إذا عثر عليه بعد السنة له أجرة المثل، فإن فات بيد المعلم بع السنة فالعبد بينهما، وعلى المعلم نصف قيمته يوم تمام السنة معلماً، وله أجرة مثله، ولو شرط القبض الآن ففات بيد المعلم قبل تمام السنة فله نصف قيمة تعليمه، وعليه نصف قيمة العبد الآن يوم قبضه، ويكون بينهما. فرع: قال ابن يونس: أجاز مالك إجارة شهرين: شهر بخمسة، وشهر بثلاثة؛ لأن كل شهر بأربعة إلا أن يريد لكل شهر ما سمى لتقع عليه المحاسبة عند المرض أو الموت؛ لأنه يتعين في بيعه. فرع: في الكتاب: إذا أراد الصُّناع أو الأجراء تعجيل الأجرة وخالفتهم حملتها على العادة، فإن فقدت لم يقض بها إلا بعد العمل؛ لأنها أحد العوضين، كثمن البيع لا يستحق إلا بعد تسليم المبيع، وأما في الدار والراحلة وبيع السلع فيقدر ما مضى؛ لأن المدد والرواحل والسلع في حكم المبيع المتعددة، وليس للخياط بقدر ما خاط من القميص؛ لأنه لم يأخذه على ذلك، قال اللخمي: إذا ضاع بعد تمام الخياطة: قال ابن القاسم: لا أجرة له، فعلى هذا لا يستحق بخياطة بعضه شيئاً لعدم التسليم، وقال مالك: له الأجرة فيكون له من الأجر بقدر العمل، إلا أن تكون مقاطعة؛ لأنه لو هلك بعد العمل لم يكن له شيء، قال ابن يونس:، كره مالك نقد الكراء في السفن؛ لأنها لا تجب إلا بعد البلاغ، وجوزه ابن نافع، وقال: له من الكراء بحساب ما بلغ، فإن عطب قبل الإقلاع وادعيت النقد صدق عليك؛ لأن الأصل عدمه، ولا يشهد بعضهم لبعض للتهمة، وقيل: يجوز كما في الطريق. وفي الجواهر: لا يتعين تعجيل الأجرة بالعقد، لكن بالشرط أو العادة، أو يقارن العقد ما يوجب التقديم، أو يستلزم التأخير محذوراً في العرض المعين، والطعم الرطب ونحوها، وإلا فلا يستحق إلا بالتمكين من استيفاء ما يقابل ذلك الجزء، قال الشيخ أبو الحسن: كلما استوفى منفعة يوم وجب عليه أجرته، ووافقنا (ح)، وقال (ش)، وأحمد: تملك بالعقد لا لثمن في المبيع، ولأن العقد سبب لملك العوضين، والأصل: ترتب المسيبات على أسبابها، لنا ما رواه ابن ماجه قال - عليه السلام -: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) فدل على أن الاستحقاق بعد العمل، ولقوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) والفاء للتعقيب، ولأن تسليم المنفعة شيئاً فشيئاً فتكون الأجرة كذلك تسوية بين العوضين، وبه يظهر الفرق بين الإجارة والبيع والنكاح، بل ينقلب قياسهم فتقول: لم يسلم أحد لعوضين فلا يجب عليه تسليم الآخر كالبيع، وينبني على هذا المدرك فرعان: أحدهما: أن المنفعة هل تحدث على ملك الأجير، وقاله (ح)، وهو مقتضى أصولنا، أو على ملك الآخذ، وقاله (ش) وأحمد، وثانيهما كما قال (ح): أن الأجير لا يستحق الأجرة إلا بأحد ثلاثة أشياء: الاستيفاء، أو الشرط، أو التعجيل، قال: إذا أعتق رب الدار العبد المستأجر به، لم ينفذ عتقه لعدم ملكه بالعقد، فإن عجله له نُفذ العتق، ولو لم يقبض العبد حتى سكن شهراً من المدة عتق على رب الدار حصة الشهر. وعلى المؤجر الباقي، قال صاحب الجواهر: إن استأجر بعرض معين، والعرف التأخير فسد العقد عند ابن القاسم إلا أن يشترط التقديم، وصح عند ابن حبيب؛ لأن العرف الفاسد لا يعتبره الشرع، وهو أصل مختلف فيه بين ابن القاسم والمدنيين، ويكفي في الاستيفاء التمكن، وإن لم يستوف، وقاله الأئمة، كما لو سلم له المبيع فتلف عنده. فرع: وفي الكتاب: يجوز النقد في الكراء للركوب اليومين ونحوهما، ويمتنع في الشهر لئلا يكون تارة بيعاً وتارة سلفاً، ومنع غيره كراء الراحلة المعينة لذلك يمتنع بيعها، واشتراط قبضها بعد ذلك الأجل، ولذلك يمنع كراؤها ذلك، والفرق عند ابن القاسم: أن في البيع ضمانها من المشتري فهو غرر في الكراء ضمانها من المكري، ويمتنع النقد في كراء الخيار إلا أن يشترط الخيار في مجلسه؛ لأنه في حكم البت، ويصير في الأول إذا اختار الإمضاء أخذ من الدين الذي له كراء راحلة، قال ابن يونس: وأجازه أشهب، قال مالك في الكراء المضمون للحج في غير إبانة: لا يؤخذ النقد كله بل ينقد الدينارين ونحوهما، وكان يقول: ينقد ثلثي الكراء، وفي المضمون إلى أجل: نحو هذا ولو كان مضموناً لغير أجل وشرع في القبض جاز غير هذا؛ لأن قبض الأوائل كقبض الأواخر بالجملة وامتنع في الأول تأخير الجميع لأنه كرأس مال السلم، وإنما جاز تأخير القبض لئلا يذهب الأكرياء بأموال الناس، وفي الكتاب: إذا كانت الأجرة حيواناً فتشاحّا في النقد ولم يشترطا شيئاً، وسنة البلد: النقد. جاز قبضها وكذلك كل معين من الطعام والعروض، فإن لم تكن سنتهم النقد امتنع الكراء. وإن تعجلت هذه الأشياء إلا أن يشترطا النقد؛ لأنه معين يتأخر قبضه. فإن كانت دنانير معينة وتشاحّا في النقد وهو العادة قضي به، وإلا امتنع الكراء، إلا أن يُعجلها كبيع سلعة بدنانير ببلد آخر عند قاض أو غيره أن شرط ضمانها. إن تلفت جاز، وإلا فلا، وكذلك هاهنا لا يجوز إلا إن اشترط في الدنانير أن تلفت فعليه مثلها، ويمنع اشتراط هذا في الطعام والعرض في بيع ولا كراء؛ لأنه لا يدري أي الصفقتين ابتاع، وجوزه غيره في الدنانير، وإن تلفت ضمنها، وإن أكريته لمكة بعرض أو طعام أو دنانير معينة والعادة التأخير ففات المحل ولا فسخ فلا بد من الفسخ لفساد العقد، وقاله غيره (إلا على الجائز حتى يصرحوا بالفساد إلا في الدنانير؛ لأن تعيينها غير مقصود، وإن شرط في المعينات أن لا ينقد إلا بعد يومين لا يعجبني إلا لعذر كالتوثق للإشهاد ونحوه، (ولا يفسخ لقوله على الأصل في تصرف المسلمين) الصحة لقرب المدة. قال صاحب التنبيهات: قوله بالفساد إذا تعود والتأخير هو على أصله في حمل السكوت على العادة الفاسدة حتى يصرحوا بالجائز، وابن حبيب (يحمل على الجائز حتى يصرحوا بالفساد؛ لأن الأصل في تصرف المسلمين الصحة) في الكتاب: إذا طلب إكمال الكراء قبل الركوب أو بسير قريب حملتها على العادة، فإن عدمت فكالسكنى لا يعطى إلا بقدر ما سكن، وإن عجلت بغير شرط فلا رجوع لك. فرع: قال في الجواهر: يمتنع السلخ بالجلد، وقال الأئمة: للجهل بصفته بعد السلخ، هي رقيق أم لا؟ سالم من القطع أم لا؟. فرع: قال: قال ابن حبيب: احصد زرعي كله، أو طحن قمحي كله ولك نصفه، يمتنع، وهو كله لربه، وعليه أجرة المثل، وإن تلف فلا أجر له، وإن شرط أن يترك متى شاء لأنها جعالة تبقى للجاعل بعد الترك. فائدة: ولو قال: احصده أو اطحنه ولك نصفه، جاز؛ لأن الأول اشترط الجميع، وقد يعجز عنه بخلاف الثاني، ولو قال: فما خرج فلك نصفه: امتنع للجهل بصفة الخروج، والأول ملكه النصف الآن، فإن استأجره على الطحن بصاع من الدقيق فأجيز كبيعه، ومنع محمد لأنه قد يهلك بعد العمل فيذهب عمله مجانا. وفي الكتاب: يجوز طحن قمحك هذا بفقيز منه ودرهم، وفي النكت: قال بعض الشيوخ: إن هلك القمح قبل الطحن انفسخت الإجارة، أو بعده وقبل قبض ربه له، فإن كانت قيمة القفيز أربعة دراهم علمنا أن الدراهم خمس الأجرة، فيدفع إليه الدرهم، وإجارة مثله في طحين أربعة أخماس القمح؛ لأن القفيز ليس في الذمة، فهلاكه يوجب الفسخ فيما يقابله، فيبقى بغير عقدٍ تجب أجرة المثل، وفي النوادر: قال ابن القاسم: احصد زرعي ولك نصفه فيحصده أو بعضه فيحترق، فضمانه منهما، وعله حصاد مثله، أو ما بقي؛ لأنه شريك بأجرته، وعنه أيضاً: عليه نصف قيمة الزرع، وليس عليه حصاد نصفه؛ لأن الزرع يختلف، ولو قال: ما حصدت فلك نصفه، فالمحصود منهما، وما لم يحصد من ربه لعدم تناول العقد إياه؛ لقوله: فما حصدت فلك نصفه، واحصده كله، وادرسه، وصفِّه، ولك نصفه، فكله من ربه، وللأجير أجرة لفساد الإجارة. فرع: في الجواهر: تمنع الرضاعة بجزء من الرضيع بعد الفطام، وقاله الأئمة للجهل بصفته حينئذٍ. فرع: في الكتاب: تجوز سكنى دار بسكنى دار أخرى، وكل ما جاز إجارته جاز أجره. وقاله أحمد و(ش) قياساً للمنافع على الأعيان، وجوزه (ح) في اختلاف الجنس كالسكنى بالخدمة، ومنعه مع اتحاده حذراً من الدين، بالدين إذا لا يتصور إلا مع الاتحاد. وجوابه: لا يتحقق الدين إلا أن يكون في الذمة ويتأخر، وهذه المنافع في أعيان أو في للذمم، وقد شرع فيما ليست ديناً. فرع: في الكتاب: إذا كانت الأجرة عبداً بعينه فمات قبل قبضك له فهو منك كالبيع، ويلزمك الكراء، ولو كان في بيته فوصفه لك فهو منه؛ لأنه بيع غائب على الصفة، وانتقص الكراء لتعذر الأجرة، ولك فيما سكن أجرة المثل، وكذلك لو استحق أورد بعيب، ولو اطلعت على العيب بعد هلاكه رجعت بحصة العيب وانتقص من الكراء بقدرها، قال ابن يونس: قال أبو اسحق البرقي: أجرة المثل فيما سكن وما لم يسكن، وكذلك استحقاق خدمته، قال ابن حبيب: إن كان العيب كثيراً يضر بالمشتري إذا رجع بالسكنى خير بين السكنى والرد. ويرجع بقيمة ثوبه معيبا. فرع: قال اللخمي: يجوز كراء الأرض بالأرض: المأمونة بالمأمونة، كان العمل في عام واحد أم لا، وتمتنع المأمونة بغير المأمونة إذا قدمت المأمونة؛ لأنه نقد في غير مأمون، ويجوز العكس، فإن سلم زرعها تم وإلا بقيت المأمونة لربها، ويمتنع في غير المأمونتين، وإن عملا في عام واحد فقد سلم أحدهما دون الآخر إلا أن تكونا من أرض المطر، وهما متقاربتان وعملا في عام. فرع: في الكتاب: إذا اكترى بدنانير لم يصفها، والنقد مختلف: فسخ للجهالة إلا أن يكون عادة. فرع: في الكتاب: يمنع كراؤها على أن يغرسها شجراً، والثمرة للمكتري أو الشجر لك للجهالة والغرر. قال ابن يونس: جوزه أشهب إذا سمى مقدارها كالبنيان لا يدري كيف يكون، وقيل: يمتنع فيهما إذا كان البناء يتغير في تلك المدة، وقيل: يجوز في البناء وحده؛ لأنه ينضبط في العادة أكثر من الشجر، وقيل: يمتنع فيهما. فرع: في الكتاب: إذا تشاحّا في النقد في الأرض وثم عادة قضى بها، وإلا فإن كانت تروى مدة لزوم النقد إذا رويت لتيقن حصول المنفعة، أو تروى بالسقي والمطر بعد الزراعة فلا ينقد إلا بعد تمام ذلك لتوقع التعذر، وقال غيره: إن أمكن السقي تعين النقد، فإن كانت تزرع بطوناً كالبقول نقد كل بطن حصته بعد سلامة منفعته، وقال غيره: ينقد أول بطن لأنه مأمون، والفرق بين الدور والرواحل وبين الأرضين غير المأمونة: أنه ليس بحساب ما مضى في الأرض إذا عطش الزرع، وفيهما كل وقت يمضي يجب كراؤه، وتحصل منفعته. فرع: في الكتاب: يمتنع كراء الأرض بما تنبته كان طعاماً أم لا، كالكتان والقطن تنبته) أم لا كاللبن والسمن والصبر والأشربة والأنبذة، وجوزه (ش) و(ح) بالطعام قياساً على الدور وغيرها. لنا ما في مسلم من نهيه عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة. فائدة: في الكتاب: المحاقلة شراء الزرع بالحنطة، وكراء الأرض بالحنطة، وهو من الحقول وهي المزارع، والمزابنة: بيع المعلوم بالمجهول من جنسه، والمعاومة: بيع الثمار أعواماً، والمخابرة: قال في الكتاب: كراء الأرض بما يخرج منها، وفي المقدمات: الخبز حرث الأرض، ومنه المخابزة أيضاً، وهي كراء الأرض بما يخرج منها (قلت): قد ذكر بعض العلماء الفرق بين العليم والخبير: أن الخبرة هي إدراك الأشياء الخفية، والعلم عام في الخفية والجلية، والحرث إظهار ما خفي من الأرض، فأمكن أن تكون المخابرة،والخبرة من معنى واحد إما بالحقيقة أو بالاستعارة في الأصل، ثم اشتهرت في الحرث فصارت حقيقة عرفية عامة، قال: وكما يخاف بكرائها ببعض ما تنبت من الطعام طعام بمثله إلى أجل، يخاف من طعام لا تنبته طعام بطعام إلى أجل، قال: ويمتنع بالفلفل وزيت زريعة الكتان والزعفران أو عصفر لا تنبته، ويجوز بالعود والصندل والخشب والعين، قال ابن يونس: قال سحنون: إنما جاز العود ونحوه لأنها أمور يطول في الأرض مكثها، وقيل: يجوز كراؤها شهرين بما لا تنتبه إلا في سنة، قياساً على الخشب، وفي كتاب محمد: جواز كرائها بالحشيش لأنه لا يزرع، وهذا التعليل إشارة إلى غلة أخرى في العود ونحوه وهو أن ما ينبت من الأرض بالعلاج يمتنع، أو بغير علاج غالباً كالعود يجوز، وأجاز ابن نافع كراءها بسائر الطعام إلا الحنطة، وعن ابن كنانة: يمتنع بكل شيء إذا أعيد فيها ينبت، ويجوز غيره من الطعام وغيره؛ لتعذر التعامل في الطعام، قال سحنون: كراؤها بجزء ما يخرج منها جرحة، كان ذلك مذهبة أو قلد فيه غيره إذا علم التجريح لتظافر النصوص بالمنع في ذلك، فيمتنع التقليد، وإن، وقع فكراؤها من الدراهم، وحكم جميع قضاة المغرب بقيمة ذلك الجزء؛ لأن الأرض لا قيمة لها بالمغرب من النقدين، ويجوز كراؤها بالماء لأنه ليس طعاماً، وفي النوادر: أجاز ابن نافع بالطعام إلا الحنطة وأخواتها إذا كان ما يكرى به خلاف ما يزرع فيها. فرع: في الكتاب: يجوز كراء الأرض بشجر بأصولها إن لم يكن فيها يومئذ ثمر، وإلا امتنع كما يمتنع شراء شجر فيها ثمر بطعام؛ لأنها معاملة بالطعام، ويجوز بيع الأرض بذلك كما تباع بذلك بالطعام، قال ابن يونس: يريد بالمنع: إذا كان فيها ثمر لم يؤبر، ولو أبر لجاز لأنها تبع. فرع: يجوز كراء الأرض يقبضها قابلاً بألف درهم إلى عشر سنين، وليس ديناً بدين؛ لأن الأرض ليست في الذمة. فرع: في الكتاب: إذا أكرى بخمر ودراهم في صفقة فسد الجميع وإن رضي بترك الخمر، وليس كالبيع والسلف، والفرق: أن الخمر جزء الثمن فهو ركن العقد فيكون الفساد متمكناً، والفساد في السلف انتفاعه، وقد أسقطه فبطلت المفسدة. فرع: إذا حل كراؤها لا يفسخه في ثياب يتأخر قبضها إلى ثلاثة أيام؛ لأنه دين بدين. فرع: يمنع: إذا زرعت شعيراً فبكذا، أو قمحاً فبكذا، أو إما بهذا الثوب، أو بهذا العبد؛ لأن الثمن معيناً أو مضموناً على اللزوم؛ لأنه بيعتان في بيعة، ويجوز على عدم اللزوم لكل واحد منكما لتجرد اللزوم عند التعين على معلوم حينئذ. فرع: في الكتاب: يمتنع كراؤها بنصف ما تنبته من قمح ونحوه للجهالة، بخلاف: اغرسها نخلاً أو شجراً فإذا بلغت كذا وكذا سعفة، أو الشجر قدر كذا فالأرض والشجر بينهما نصفين، أو على أن البُنيان والأرض بينهما؛ لأن كراء الأرض بذلك جائز ابتداء، وإن قلت: فالأصول بيننا فقط مع مواضعها من الأرض جاز، وإن اشترط المواضع وشرطت بقاءها في أرضك حتى تبلغ، امتنع للجهالة، قال ابن يونس: إذا اكتراها بنصف ما يخرج منها فالزرع للزرع وعليه كراء المثل؛ لأن العمل والزرع من عنده فأشبه الشركة الفاسدة إذا أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر،والعمل، قال: ولا يبعد أن يقال: نصف الزرع أفاته العامل في نصف الأرض بإذنه، فعلى رب الأرض نصف البذر وأجرة العامل فيه، ويترقب نصف العامل الذي زرع لنفسه إن تم أدى الكراء وإلا سقط عنه ما زرعه لنفسه، وأما إجارته في نصف رب الأرض فثابته تم الزرع أم لا، ومقتضى قوله: إن الأرض بيني وبينك نصفين: أن يكون زرع نصف الزريعة لرب الأرض فيكون عليه مثلها؛ لأن أرضه قبضته، وللعامل إجارته في زرع نصف الأرض، وينتظر الذي زرعه العامل لنفسه، فعليه كراء المثل إن حكم بالفسخ في إبان الزراعة وتم زرعه وإلا فلا، وإن لم يحكم بالفسخ حتى تم الزرع فلا كراء عليه. فرع: في الكتاب: يمتنع دفع أرضك ليزرع لك فيها حنطة من عندك ببعض أرضك يزرعه لنفسه؛ لأنه كراؤها بما تنبته بخلاف: تزرعها بحبك على أن له بعضاً من أرض أخرى غير مزروعة؛ لأن الأرض قبالة العمل دون البذر، كما يجوز غرسه لك نخلاً بأرض أخرى. فرع: قال الأبهري: إذا تكارى للحج في غير إبانه لا يؤخر النقد؛ لأنه دين بدين. فرع: قال: يمتنع حمل الزرع على أن له في كل مائة إردب يخرج عشرة إرادب ٍ؛ لأنه لا يدري كم إردب يخرج، ويجوز بالقتة لأنها تحرز. الركن الرابع: المنفعة، ولها ثمانية شروط: أن تكون مباحة، جائزة الدفع للعبد، متقومة، مملوكة، غير متضمنة استيفاء عين بالأصالة، مقدوراً على تسليمها، حاصلة للمستأجر، معلومة. فتذكر هذه الشروط بمداركها وفروعها مبسوطة - إن شاء الله تعالى -. الشرط الأول: الإباحة احترازاً من الغناء وآلات الطرب ونحوهما؛ لأن ثبوت الملك على العوض فرعثبوته على المعوض؛ ولقوله - عليه السلام -: "إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه "، ولقوله - عليه السلام -:" لعن الله اليهود حُرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها "، قال سند في كتاب الصرف: بيع أواني الذهب جائز إذا اشتراها لبيعها من الذمة أو ممن يتجر فيها كثياب الحرير المخيطة للرجال، أو ليدخرها للزمان لتباع عند الحاجة من غير انتفاع؛ لأن النهي إنما ورد في الانتفاع، والاستصناع يتخرج على هذا التفصيل، وفي الجواهر: قال ابن الجلاب وعبد الوهاب: اقتناؤها من غير استعمال مُحرم، قال أبو الوليد: لو لم يجز اتخاذها لفسخ بيعها، وقد أجازه في الكتاب: قال ابن شاس: هذا غير صحيح؛ لأن تملكها يجوز إجماعاً بخلاف اتخاذها، بل فائدة الخلاف في منع الإجارة عليها وعدم الضمان على مُتلفها من غير جوهرها، فالمخالف يجيز الإجارة ويوجب الضمان، وفي الكتاب: يكره للأعزب إجارة الحرة ليس بينه ليس بينه وبينها محرم، أو أمة يخلو معها أو يزاملها في المحمل، قال اللخمي: يحرم في الأعزب كان مأموناً أم لا؛ لقوله: " لا يخلو رجل بامرأة ليس بينه وبينها محرم " ويجوز في المأمون ذي الأهل، وتمتنع في غير المأمون ذي الأهل، إلا أن تكون متجالة لا رغبة للرجال فيها، أو شابة وهو شيخ فان. فرع: قال اللخمي: إجارة الحمَّامات للرجال جائزة إذا كانوا يدخلون مستترين، وللنساء إذا كن يستترن في جميع أجسادهن، وممنوعة إذا كن يتركن السترة جملة، ومختلف فيها إذا كن يدخلن بالمئزر بناء على أن المرأة بالنسبة للمرأة كالرجل بالنسبة للرجل أم لا، وفي الترمذي: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام)، وأطلق (ش) و(ح) جواز الإجارة للحمام، وكرهها أحمد؛ لأنها موضع النجاسات والقاذورات، ومأوى الشياطين، وما ذكرنا من التفصيل أليق، فإن حاجة أكثر الناس تدعو إلى دخولها لطهر الحيض والجنابة وإزالة الأوساخ ومداواة الأمراض، مع أن صاحب الجواهر قد نقل الإجماع على امتناع دخولها مع من لا يستر عورته. فرع: قال اللخمي: ويمتنع إجارة الحوانيت والدور إذا كان يفعل فيها المحرمات؛ كبيع الخمور والمغصوب، وآلات الحروب؛ لأن الغالب اليوم أن لا يقاتل بها إلا المسلمون، فإن تصدق بالكراء. فإن أجره من يهودي يرابي فيه لم يتعرض له؛ لأن ذلك من دينهم إن عمله هو والذمة، وإلا لم يؤاجر. ويمتنع من ذمي يبيع الخمر فيه؛ لأنهم لم يعطوا العهد على إعلان الخمر، ولا يؤاجر داره ممن يعملها كنيسة، فإن نزل فسخ من القيام وتصدق بالأجرة إن فات، وقيل: إذا أجره للخمر ففات لم يفسخ، أو دابته للرواح إلى الكنيسة؛ لأنه باع منافع يجوز له بيعها إنما المنتفع فعل ما يحرم عليه، فلو أجر الذمي ليبيع خلا فباع خمراً لا يختلف لمساواة الخمر والخل في الضرر، فلو أكراه ليسكن فباع الخمر ولم يعلم بذلك الكري قومت الدار ثلاث قيم: للسكنى وقيمة ما يضر كمضرة الخمر، وقيمته مع الخمر، وتصدق بما يزاد لأجل الخمر، فإن علم بذلك تصدق بالجميع، كأنه فسخ الأول في الثاني لما علم بالثاني، وقيل: لا يتصدق، فلو أكره لبيع الخمر فصرف ذلك للسكنى كان الكراء للمكري؛ لأن الأول غير منعقد، وإقرار الثاني عقد آخر، إلا أن يكون كراء الثاني أقل فيحط عنه ما بين الكرائين، قاله ابن حبيب، فإن تعدى على الحانوت فباع فيها الخمر تعديا أخذ كراءها إن كان المتعدي ذمياً، ولا شيء له إن كان مسلماً، قاله ابن القاسم؛ لأن المنفعة معدومة شرعاً، وله الأجرة عند ابن حبيب، إلا أن يكون لا يكسب إلا بثمن الخمر، وفي الكتاب: لا يكري دابته لتركيب لعيدهم، وشاته لتذبح لذلك، قال صاحب النكت: تقوم الدار بغير شرط كونها كنيسة، ويتصدق بما بين الثمنين إن باع، وبالكراء كله إن أجر؛ لأن المنافع المحرمة لا تقابل بالأعواض. وإجارة المسلم نفسه ثلاثة أقسام: لرعاية الخنازير وحمل الخمر، تفسخ أبداً، فإن فات تصدق بالأجرة، وعلى الخدمة والمهنة تفسخ أبداً، فإن فاتا لم يتصدق لأنها قبالة منفعة مباحة، وإنما مُنعت لوصف خارج وهو إهانة الإسلام، وعلى شيء لا يكون فيه تحت يد الذمي ولا مهنة كالقراض والحراسة، فإذا نزل مضى المسمى، ويكره في الكتاب: أن يكون عامل قراض للذمي، وكره ابن القاسم إجارته للحراسة له والحرث والبناء لقوله - عليه السلام -: (الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه)، قال اللخمي: في العتبية إذا وقع كراء العبد أو الشاة لا يرد؛ لأن المعصية خارجة من أركان العقد، كالبيع عند أذان الجمعة، وككراء الحانوت لبيع الخمر والعنب يعصر خمراً، يفسخ، والفرق: أن منافع الدابة تنقضي قبل المعصبة، والشاة بعد الذبح ذكية يجوز أكلها والمنافع تستوفي على ملك المؤجر في دار الكنيسة ونحوها، فتباشر المعصية المنفعة، ولو أجره على زق زيت فإذا هو خمر فله الأجرة ويتصدق بما تزيد الأجرة لكونه خمراً، والعقد بينها باق في زق ثان، فإن قال: خمراً فوجده زيتاً فأجره المثل لفساد العقد. فرع: في الكتاب: يجوز على طرح الميتة والدم والعذرة؛ لأن الغرض إبعادها لا هي، ويمتنع على الميتة بجلدها لامتناع بيعه وإن دُبغ. فرع: في الكتاب: يكره للمسلم كراء أرض الجزية ذات الخراج لما فيها من الذلة، فإن أكريتها فأخذ السلطان منك الخراج: فإن لم يكن الذمي أداه رجعت عليه به، وإلا فلا؛ لأنها مظلمة عليك. فرع: في الجواهر: تمتنع على قلع الضرس الصحيحة، وقطع اليد السالمة لتحريم إفساد الأعضاء شرعاً. فرع: كره مالك في النوادر: نقط المصاحف بالحُمرة والصفر، ومقتضاه كراهة الإجارة عليها. الشرط الثاني: قبول المنفعة احترازاً من النكاح فإنه مباح يتعذر بدله شرعاً. وما تعذر بدله امتنع أخذ العوض عليه؛ لأن أخذ العوض فرع انتقال المعوض. الشرط الثالث: كون المنفعة متقومة احترازاً من التافه الحقير الذي لا تجوز مقابلته بالمال في نظر الشرع، قال في الجواهر: واختلف في استئجار الأشجار لتجفيف الثياب، ومنع ابن القاسم استئجار الدراهم والدنانير لتزيين الحوانيت، وكل ما لا يعرف خشية السلف بزيادة الأجرة، وأجاز ذلك القاضي أبو بكر وغيره إذا كان ربها حاضراً معها، وجوزه الأئمة مطلقاً إلا (ش) منعه لعدم التقويم، ومنع الطعام للزينة والتفاحة للشم بخلاف التفاح الكبار، ومنع الأشجار للتجفيف، كل ذلك لعدم التقويم. فرع: قال اللخمي: إجارة الثياب والحلي للشيء اليسير أجازها مالك مرة وكرهه أخرى؛ لأن أخذ الأجرة على ذلك ليس من مكارم الأخلاق، والقولان في الكتاب. فرع: في الكتاب: يجوز كراء المصحف كبيعه، وعلى كتابته، وعلى تعليمه كل سنة بكذا، وعلى الحذاق أو تعليمه كله أو جزئه بكذا؛ لأنه متقارب عرفاً، وقاله (ش) غير أنه اشترط التحديد بالسور أو بالزمان لتكون المنفعة معلومة؛ لقوله - عليه السلام - في الصحيحين: " أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ". ومنح (ح) وأحمد أجرة التعليم وكل ما فيه قربة تختص بالمسلم، كالأذان والصلاة والحج لما في الترمذي قال عثمان بن أبي العاص" آخر ما عهد إلي النبي - عليه السلام - أن أتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً " ولأنها قُرب يعود نفعها على آخذ الأجرة، والعوض والمعوض لا يجتمعان لشخص. والجواب عن الأول: أن ترك الأخذ أفضل إجماعاً، فالأمر به لا يدل على تحريم الأخذ، وعن الثاني: أن الأجرة قبالة التزام المواضع المعينة في الأذان ونحوه، أو قبالة تعيين ما لم يتعين على أخذ الأجرة، وليست قبالة أصل القُربة، فهذه الأشياء وإن كانت قُرباً لكن لا يتعين على المسلم فعلها بالأجرة للتعيين، وجوز الإجارة على الخط، والحساب، وبناء المساجد، وكتابة المصاحف؛ لأن فعل هذه لا يتوقف وقوعه على أهلية التقرب، من الإسلام وغيره، ومنع (ش) الإجارة في الصلاة وكل عبادة تمتنع النيابة فيها، بخلاف تفرقة الزكاة، والحج، وغسل الميت؛ لدخول النيابة فيها. والأجير نائب، فحيث جاز النائب جاز الأجير، قال في الكتاب: وتجوز على الكتابة فقط، وعليها مع القرآن مشاهرة، وله اشتراط شيء معلوم مع أجرته كل فطر وأضحى، قال: وأكره على تعليم الفقه والفرائض كما أكره بيعَ كتبها، قال ابن يونس: منع ابن حبيب إجارة المصحف بخلاف بيعه، وقاله (ح) فيه، وفي الكتاب: لأن القراءة والنظر فيها فعله فلا يعطى على فعل نفسه أجراً، والثمن في البيع للورق والخط وفي الإجارة لنفس القرآن، وهو ليس متقوماً. قاعدة: الإجارة مبنية على البيع فكل ما جاز بيعه جازت إجارته، والأعيان على ثلاثة أقسام: ما اتُفق على جواز بيعه وقبوله للملك والمالية، كالدار والعبد، وما اتفق على منع بيعه وقبوله للمالية إما لعدم اعتباره شرعاً كالمحرمات من الميتة وغيرها، أو لعدم القيمة فيه عرفاً كالنظر إلى السماء والتوجه تلقاء الهواء أو التفرج على الرياض وغير ذلك، وما اختلف فيه هل هو من القسم الأول أو من الثاني، وهو نحو هذه المسائل، قال ابن يونس: وقد بيعت المصاحف أيام عثمان - رضي الله عنه - ولم ينكر الصحابة ذلك، فكان ذلك إجماعاً، قال ابن يونس: وإجازة ابن حبيب الإجارة على تعليم القرآن يبطل منع إجارة المصحف؛ لأن المصحف كالمعلم، واستعمال بدن المعلم كاستعمال المصحف عن صاحبه وثمره وورقه وجلده، لكن المعلم ينتفع بزيادة حفظه بالتعليم بخلاف المصحف، ويجوز عند مالك وأصحابه: اشتراط السنة والسنتين، وليس لأب الصبي إخراجه حتى يتم الشرط إلا أن يدفع إليه جميع الأجرة، والشرط لازم للمعلم أيضا. فإن قال: كل شهر بكذا، فلكل واحد منهما الترك، قال سحنون: ويحمل الناس في الحذاق وغيرها على العوائد، إلا أن يشترطوا شرطاً، والحِذاق على قدر حال الأب، قال سحنون: وإذا بلغ ثلاثة أرباع القرآن فقد وجبت له الختمة، وتوقف في الثلثين؛ لأن الباقي تبع، وقياساً على منع السيد من نزع مال المعتق إلى أجل إذا قرب، ولأبيه إخراجه إذا بلغ الربع، ولا شيء للمعلم من أجرة الختمة، وإنما له إذا قاربها لشبهها بالجُعالة، قال ابن حبيب: ويقضى بالحذاق على حفظ القرآن. قال أصبغ: ولا يضر الغلط اليسير بخلاف أن يكن مستمراً في القراءة ولا يحسن الهجاء، وإذا شرط المعلم أن له في الحذقة كذا فأخرجه الأب فعليه الحذقة بقدر ما مضى منها، وإذا لم يبق من الحذقة إلا السور اليسيرة فأخرجه فله الحذقة؛ لأن اليسير تبع، قال: ولا يلزم الأب حق الأعياد لأنها مكارمة في أعياد المسلمين، مكروهة في أعياد النصارى، قال ابن يونس: إن كان عرفاً كالشرط، وكره مالك تعليم المشركين الخط؛ لأنهم يستعينون به على إلقاء الشبه إذا كبروا، وكره تعليم المسلم عند الكفار كتابهم؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وأجاز غير مالك بيع الفقه والإجارة على تعليمه؛ لأنه اشغال للمعلم وأخذ منافعه، وإنما كره ابن القاسم؛ لأن العمل عندهم ليس عليه بخلاف القرآن، قال اللخمي: إنما تجوز الإجارة على تعليم القرآن إذا عين مدة دون ما يتعلم فيها، أو ما يتعلم من حذقة وشيء معلوم، كربع ونصف، أو الجميع دون تحديد مدة، والجمع بينهما ممنوع للغرر، فإن فعل وكان يجهل تعلم ذلك في تلك المدة فسدت الإجارة أو الغالب التعليم فيها فأجيز، ومنع، فإن انقضى الأجل ولم يتعلم فيه ذلك الجزء: فله أجرة مثله ما لم تزد على المسمى، وفي الجلاب: منع الإجارة إلا مدة معلومة؛ لأن أفهام الصبيان تختلف، فقد لا يتعلم الجزء إلا في مدة بعيدة. فرع: في الكتاب: تكره إجارة قُسام القاضي وحُسابهم، وكان خارجة ومجاهد لا يأخذان أجراً، قال ابن يونس: قال سحنون: إنما كرهه لأنهم كانت لهم أرزاق من أموال اليتامى، قال اللخمي: أجرته جائزة من بيت المال إذا نصبوا أنفسهم لذلك، ويمنع إذا كان من أموال اليتامى، ويجوز أن يأخذوه ممن يقسمون له من غنائم أو يتامى أو رشداء أو غيرهم، وهل هي بين الشركاء على قدر الأنصباء أو العدد؟ قولان، قال: وأرى في القاسم والكاتب والسمسار أنها على الأنصباء لأنه العادة اليوم. فرع: في الكتاب: لا يصلح أن يبني مسجداً أو بيتاً فيكريه ممن يصلي فيه، فإن نزل قضي له بالثمن، وأجازه غيره في البيت؛ لأن منفعة البيت متقومة. ويجوز كراء داره على أن تتخذ مسجداً عشر سنين، والنقض بعد ذلك للباني، وترجع الأرض لربها، قال صاحب التنبيهات: إن أباح المسجد بعد بنائه صار حبُساً لا حق فيه لأحد، وإن لم يبحه بل فعل ذلك ليكريه، فليس من مكارم الأخلاق، وهو معنى منعه كإجازة المصحف، ولا كراهة في الأرض؛ لأن للمكتري أن يفعل ما يشاء، ولو سلم البيت لمكتريه لكان كالأرض، وإنما يكره كراؤه لأنه ليس من مكارم الأخلاق، وعلى هذا يحتمل أن يكون قول الغير وفاقاً أو يكونان تكلما على وجهين، أو يكون الغير تكلم على الفعل بعد الوقوع، وابن القاسم فيه ابتداء، قال ابن يونس: قال سحنون: إنما منع في المسجد لأنه حبسه، والحبس لا يؤاجر، وإذا أخذ باني نقض المسجد جعلها في غيره، قال أبو محمد: وقول ابن القاسم أصوب؛ لأن هذه ليست كاستحقاق أرض بعد بنائها مسجداً؛ لأن البناء خرج هناك لله على التأبيد، وهنا مدة معينة، كمن دفع فرسه لمن يغزو عليه غزوة، فإنه يرجع إليه، وليس لصاحب الأرض دفع قيمة البناء مقلوعاً؛ لأنه لا ينتفع ببقائه على صورة المسجد، وإذا لم ينفع إلا بعد النقض فصاحبه أولى بخلاف الاستحقاق إلا أن يقول: أنا أُبقيه مسجداً مؤبداً، فله أخذه فتجب تبقيته مسجداً، قال اللخمي: إذا بنى مسجداً فحيز عنه، أو صلى الناس فيه زال ملكه فيه، وإن بناه ليكريه جاز وله بيعه، ولو صلى الناس فيه، وإن بني ليصلى فيه ولم يُجز عنه ولا صلى الناس فيه، وامتنع من إخراجه من يده لم يجبر، فإن مات قبل إجباره، أو كان على العادة حبساً فهل يمضى حبساً أو ميراثاً قياساً على الصدقات إذا لم يفرط في خروجها حتى مات؟ قولان، وإذا أكرى الأرض لتتخذ مسجداً مدة فانقضت، فللباني نقض ما لا يصلح للسكنى، ولا يوافق بناء الديار، وما يصلح للسكنى ولم يحبسه: كان لصاحب الدار أخذه بقيمته منقوضاً، واختلف إذا حبسه هل يأخذه بالقيمة؟ وهو أحسن. فرع: في الكتاب: تكره على تعلم الشعر والنحو وكتابتهما، وإجارة كتبهما كما يكره بيع كتبهما، وهي أولى بالكراهة من كتب الفقه، قال ابن يونس: أجازها ابن حبيب في الشعر والنحو وأيام العرب والرسائل ونحوها مما يليق بذوي المروآت، بخلاف شعر الهجاء والخمر والخنا. فرع: تكره على الحج والإمامة في الفرض والنفل بخلاف الأذان والإقامة والإمامة؛ لأنها على الإقامة بالمسجد ولزوم موضع مخصوص، ومنع ابن حبيب في الأذان والإقامة والإمامة لحديث الترمذي المتقدم، قال ابن يونس: أجاز ابن عبد الحكم الإجارة على الإمامة لالتزامه موضعا مخصوصا، وإذا جوزنا في الأذان فأخل ببعض الصلوات هل يسقط حصة ذلك أم لا؟ قال اللخمي: وأجاز مالك في الكتاب: الإجارة على الإمامة إذا جمعت مع الأذان في عقد هو كالغرر تبعا لا مستقلا. فرع: تكره إجارة الدف والمعازف لأنه ليس من عمل أهل الخير، وكان يضعفه، قال صاحب التنبيهات: ضرب التنبيهات ضرب الدف في العرس مباح، لكن ليس كل مباح تصح إجارته، قال ابن يونس: ينبغي الجواز في الدف المباح، ومعنى: يضعفه: أي يضعف قول غيره. الشرط الرابع: أن تكون المنفعة مملوكة احترازا من الأوقاف، والربط، ومواضع الجلوس من المساجد، والطرقات، والمدارس، وغير ذلك، وهذا الشرط لم يذكره صاحب الجواهر؛ بل اقتصر على سبعة شروط، (وغيره ذكر فروعه ولم يذكره، فأردت أن أنبه عليه. قاعدة: فرق أصحابنا وغيرهم من العلماء بين ملك المنفعة وبين ملك أن ينتفع، فهذه الأمور كلها ملك فيها أن ينتفع، ولم يملك المنفعة حتى يعاوض عليها، فلا يجوز لأحد أن يؤاجر بيت المدرسة، أو موضع الجلوس في المسجد؛ لأن الشرع أو الواقف إنما جعل له الانتفاع بنفسه فقط، وغير ذلك فغير مأذون فيه؛ فاعلم هذا الفرق. فرع: في المقدمات: عن مالك في كراء دور مكة أربع روايات: المنع، وقاله (ح)؛ لأنها فتحت عنوة، والجواز، وقاله (ش)؛ لأنها فتحت عنده صلحاً، أو مُن بها على أهلها عندنا على هذه الرواية، ولا خلاف عن مالك وأصحابه أنها فتحت عنوة، والكراهة لتعارض الأدلة، وتخصيصها بالموسم لكثرة الناس واحتياجهم للوقف؛ لأن العنوة عندنا وقف. تمهيد: اتفق مالك والشافعي وغيره أنه - عليه السلام - دخل مكة مجاهراً بالأسلحة، ناشراً للأولوية، باذلاً للأمان لمن دخل دار أبي سفيان، وهذا لا يكون إلا في العنوة قطعاً، وإنما روي: أن خالد بن الوليد قتل قوماً فوداهم - عليه السلام - وهو دليل الصلح. وجوابه: يجب أن يعتقد أنه أمن تلك الطائفة وعصم دماءهم جمعاً بين الأدلة. تنبيه: مقتضى هذه المباحث والنقول أن يحرم كراء دور مصر وأراضيها؛ لأن مالكا قد صرح في الكتاب وغيره أنها فتحت عنوة، ويلزم على ذلك تخطئة القضاة في إثبات الأملاك وعقود الإجارات، غير أن أرض العنوة اختلف العلماء فيها: هل تصير وقفاً لمجرد الاستيلاء، أو للإمام قسمتُها كسائر الغنائم، أو هو مخير في ذلك، والقاعدة المتفق عليها: أن وسائل الخلاف إذا اتصل ببعض أقوالها قضاء الحاكم تعين ذلك القول وارتفع الخلاف، فإذا قضى حاكم بثبوت ملك في أرض العنوة ثبت الملك وارتفع الخلاف، وتعين ما حكم به الحاكم، هذا التقرير يطَّرد في مكة ومصر وغيرهما. تنبيه: الليث بن سعد مصري، وهو يقول: فتحت مصر صلحاً، ووافقه المؤرخون، فكيف يستقيم قول مالك مع أنه حجازي، والليث أخبره ببلده لا سيما والتواريخ تعضده؟!. الجواب: قيل: إنها فتحت صلحاً، ثم نافقت ففتحت عنوة بعد ذلك، وهذا مشهور في الإسكندرية أن عمرو بن العاص قاتلها مرتين، وأنها نافقت بعد الفتح، فأمر غيرها كذلك، وكان تبعاً لها. الشرط الخامس: كون المنفعة غير متضمنة استيفاء عين وقاله الأئمة، قال في الجواهر: احترازا من إجارة الأشجار لثمرها، أو الغنم لنتاجها ولبنها وصوفها؛ لأنه بيع للمعدوم وليس سلماً، ويستثنى من ذلك الشجرة تكون في الدار ثلث الكراء لأنها تبع، والمرأة للرضاع والحضانة مع تضمنه لأعيان اللبن للضرورة. وفي الكتاب: تجوز إجارة الظئر على الرضاع، وقاله الأئمة، ونص الشافعية على إجارة البئر للاستقاء، والدار فيها بئر، وفي الكتاب: تجوز إجارة الظئر حولين، ولها اشتراط طعامها وكسوتها؛ لأنه منضبط عادة، ويمنع زوجها من وطئها إن أذن في الإجارة؛ لأن الوطء يقطع اللبن بالحمل أو يقله أو يفسده لما بين الثدي والرحم من المشاركة عند الأطباء، وإلا فله فسخ الإجارة لحقه في الوطء، وترضع حيث اشترطوا وإلا فعند الأبوين لأنه العادة، إلا من لا ترضع مثلها عند الناس، أو أب خسيس لا يؤتى إليه، ويحمل كلف الصبي في دهنه وغيره على العادة، وإذا حملت وخيف على الصبي فلهم فسخ الإجارة للضرر، ولا يلزمها أن تأتي بغيرها لذهاب المنفعة المعينة، وتنفسخ الإجارة بموت الصبي قياساً عليها. ولأن خلق الصبيان تختلف ولها بحساب ما أرضعت. نظائر: في المقدمات: المستوفى به المنفعة لا يحصل الفسخ إلا في أربع مسائل: صبيان ودابتان: صبي الرضاع، وصبي المكتب، ودابة الرياضة والتي يُنزى عليها، وقاله الأئمة في صبي الرضاع، وفي الكتاب: إن سافر الأبوان فليس لهما أخذ الصبي إلا أن يدفعا لها جميع الأجرة؛ لأن العقد لازم لهم. فائدة: قال صاحب التنبيهات: الظئر المرضع - بكسر الظاء - مهموزاً، وقد سُهل، وجمعه ظُؤرة - بضم الظاء وسكون الهمزة - مثل غُرفة، ووقع في المدونة بضم الهمزة، والأول الصواب، ويجمع على ظُؤار أيضاً بالضم، وأصله من الظآر بالكسر وهو عطف الناقة على ولدها، قال صاحب النكت: إذا مات زوج الظئر وقد اشترط المقام عند الصبي رجعت لبيتها تعتد فيه؛ لأن العدة أقوى من الشرط لكونها لٍحفظ النسب، وهو مهم في نظر الشرع، والفرق بين الظئر تخرج، وبين المعتكفة لا تخرج: أن المعتكفة يمنعها من الفساد المسجد والاعتكاف، فأمكن الجمع بين مصلحة العدة والعبادة، قال ابن يونس: إذا شرطت الظئر مؤنتها لا يدخله طعام بطعام إلى أجل؛ لأن النهي إنما ورد في الطعام المعتاد، والرضاع لا يفهم عند إطلاق لفظ الحديث، وقال أصبغ: لا يمنع الزوج الوطء إذا أذن إلا أن يشترطوا عليه، أو تتبين ضرورة. وقاله (ش)؛ لأن الحمل موهوم لقوله - عليه السلام - (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة) ولم ينه عنها، وقول ابن القاسم أصلح؛ لأن الزوج لا يكون مولياً بترك الوطئ لمصلحة الولد، وقاله (ش)، وليس للزوج السفر بها إن أذن لها، وإلا فله، وينفسخ العقد، قاله ابن عبد الحكم، وإذا مات زوجها: قال ابن عبد الحكم: لهم فسخ الإجارة لفوات المبيت عندهم، وقال ابن حبيب: إن لم تكن العادة في حمل كلف الصبي لم يلزمها إلا الرضاع، إلا أن يشترط غيره، قال اللخمي: تجوز الإجارة على الصبي الحاضر والغائب إن ذُكر سنة؛ لأن الرضاع يختلف باختلاف السن، والأحسن تجريب رضاعه في قوته في الرضاع لأنه متقارب، ومنع سحنون إلا بعد معرفته، وليس لذات الزوج إجارة نفسها إلا بإذنه لاشتغالها بذلك عنه، وألزم مالك إجارة الرضاع لذات الشرف، قال: وأرى إن دخلت معرَّة على غيرها أن يفسخ، وإذا مرضت الظئر انفسخت الإجارة إن لم يُرج برؤها عن قرب، وإن تبين خلافه: هل يمضى الفسخ لأنه حكم مضى أو يرد لتبين الخطأ؟ كما اختلف في أخذ دية العين لنزول الماء، ثم يذهب أو أخطأ الخارص، فإن سجنت بكفالة في حق فكالمرض ينظر فيه إن تكفَّلت قبل الإجارة وإلا لم تسجن؛ لأن الكفالة تطوع وليس لها التطوع بما يبطل الإجارة، وفي كتاب ابن سحنون: لا يفسخ بموت الصبي ويؤتى بخلفه قياساً على غيره، وإذا مات الأب قبل نقد الأجرة فسخ العقد، مات موسراً أم لا لخراب ذمته بالموت، وانتقال التركة للورثة، فإن كان نقد: ففي الكتاب: ما بقي (من الرضاع بين الورثة، وقال أيضاً: ما بقي) مما قدم بينهم، وليس بمنزلة الهبة، بل بمنزلة النفقة، تُقدَّم، وتبين عدم الاستحقاق، وقال أشهب: ذلك للصبي دون الروثة كأنه وهبه له فقبضه، وكذلك أجرة معلم الكتاب، قال: وأرى إن مات الأب بعد سنتين يكون الباقي للصبي؛ لأنه هبة، أو في أول العقد كانت السنتان الأوليان ميراثاُ؛ لأن الأب كان يظن أنها واجبة عليه فتبين خلافه، وإن استأجر الأب ظئراً ثم ماتت الأم فحصل للصبي مال ميراثا: فالقياس: استئناف العقد؛ لأنه بيسره سقط عن الأب رضاعه، والاستحسان إمضاء ذلك ويأخذ الأب ما قدمه من مال الصبي إلا أن تكون في الأجرة محاباة فيسقط الغبن عن الابن. فرع: في الكتاب: أن مات الأب قبل النقد معسراً: فلها فسخ الإجارة للضرر، ولو تطوع أحد بأدائها لم يفسخ لانتفاء الضرر، وما وجب فيما مضى ففي ذمة الأب، ولو أرضعته باقي المدة لم تتبعه بشيء، وكذلك لو قالت: أرضعته على أن أبتعه فهي متبرعة لظاهر حال الصبي، كمن أنفق عل يتيم لا مال له، وأشهد أنه يتبعه، قال صاحب النكت: لا يكون ما قدمه الأب لمعلم الصبي ميراثاً بخلاف الظئر، والفرق: أن التعليم لا يجب عليه بخلاف الرضاع، فلم يقصد الهبة إلا أن يعلم أنه قدمه خوف الموت فيكون هبة للصبي لا ميراثاً، وتستوي المسألتان، قاله محمد. فرع: في الكتاب: تجوز إجارة العبد الصانع على أن يأتيك بالغلة ما لم تضمنه أو تشترطه عليه في أصل الإجارة خراجاً معلوماً؛ لأنه قد يعجز عنه، ووضعه عليه بعد العقد من غير ضمان جائز؛ لأنها منفعة ملكها بالعقد الصحيح، قال اللخمي: عن مالك منع استئجاره على أن يأتيه بالخراج، وهو أصله فيمن اشترى شيئاً على أن يعمل له ينظر إلى ما يصير إليه ذلك المشتري: إن كان مجهولاً امتنع كالزرع على أن على البائع حصاده ودراسه، والزيتون على أن عليه عصره فيمنع للجهل بصفته بعد الخروج ومقداره، وهذا يدفع دنانير لا يدري ما يتحصل له بها في مدة الإجارة، ويجوز أن يجعل عليه خراجا مضمونا إن كان الثمن عرضاً ويأتيه بأحد النقدين، وبالعكس حذراً من بيع النقد بالنقد، وفي الكتاب: تمنع إجارة الأجير سنة بدنانير؛ ليعمل لك في السوق على أن يأتيك بثلاثة دراهم كل يوم؛ لأنه صرف مستأجر، وإن كان على أن يعطيك به طعاماً كان سلماً بغير سعر معلوم، وقد يكثر ويقل بالغلاء والرخص، وقال ابن يونس: فإن اشترط عليه كل يوم مكيلة معلومة موصوفة: أجازه محمد، وكرهه ابن القاسم لتخيل السلم الحال. الشرط السادس: كون المنفعة مقدوراً على تسليمها، وفي الجواهر: احترزا من استئجار الأخرس للكلام، والأعمى للإبصار، أو أرض للزراعة لا ماء لها قطعاً ولا غالباً، وقال الأئمة، وفي الكتاب: يجوز كراء المشاع كنصف عبد أو دابة ويأخذه يوماً بيوم، ولمن اكترى نصف دار كراء حصته ولا شفعة له بخلاف البيع؛ لأن الضرر في الرقاب أعظم؛ لأنه يدوم والإجارة محدودة، ووافقنا (ش) وأحمد في كراء المشاع، ومنع (ح) لعدم القدرة على التسليم بسبب اختلاط المكري بغيره، لنا: القياس على شراء المشاع ويُمنع امتناع التسليم، بل يسلم الجميع له، فيحصل تسليم المكرى ضمناً كالبيع، قال اللخمي: إن كانت صنعة العبد لا يمكن تبعيضها ترك نصيبه واقتسما خراجه، وإن قبلت الدار القسمة قسمت منافعها وسكن المكتري فيما يصير إليه أو أكراه، وإلا أكريت واقتسما كراءها إلا أن يريدها أحدهما بما تقف عليه، فإن أكرى أحد الشريكين بإذن شريكه: فالجواب ما تقدم، أو بغير إذنه ولم يجز ودعا للبيع أجيب في العبد والدابة والدار إذا لم تنقسم، وإن قبلت القسمة ودعا إليها قُسمت المنافع بالقُرعة، وإن أراد المكري القسم بالقرعة فللأبهري. منعه، فإن اقتسما الرقاب وصار للمكري أقل من النصف بما لا ضرر فيه على المكتري حط من الكراء بقدرة أو أكثر، وأمكن تمييز الزائد مُيز وانتفع به المكري، وإن لم يتميز ولم يضر فيه سكن بانفراده مع المكتري بغير شيء؛ لأنه يقول: لا حاجة لي به، فإن أجره نصفاً معيناً: خيّر الشريك بين الإجازة وله نصف الأجرة وبين مقاسمة المنافع، فإن صار النصف المكري للمكتري أخذه، أو للآخر خير بين الإجازة وله الكراء أو يرد، واختلف قول مالك إذا كان الكراء في نصف شائع في الأخذ بالشفعة إذا كانت الدار تحمل القسمة وأراد الأخذ ليسكن، وإن أراده ليكريه فلا، كالأخذ بها في البيع ليبيع، فإن أكرى نصيباً معيناً فلا شفعة. فرع: في الكتاب: إن لم يفعله في يوم كذا وكذا فلا أجرة: يمتنع؛ للغرر في تسليم المنفعة في ذلك الأجل، وفي الكتاب: يجوز كراؤها قابلاً وفيها زرع الآن لربها أو لغيره، وكراء الدار على أن لا يقبضها إلا بعد سنة، ولا يشترط في مدة الإجارة أن يلي العقد، وقاله (ح) وأحمد، واشترطه (ش) حتى يتمكن من التسليم في الحال، ونحن نقول: تكفي القدرة على التسليم في الجملة، وإنما منعناه في المعيّن الذي يتأخر قبضه خشية هلاكه فلا يحصل مقصود العقد، وهذه أعيان مأمونة، ووافقنا على إجارتها السنة القابلة ممن هو مستأجرها الآن، وفي الكتاب: ويجوز تعجيل النقد في مثل السنة، ويكره في الزمان الطويل. فرع: في الكتاب: تجوز إجارة الفحل للإنزاء أكواماً معروفة، أو شهراً بكذا؛ لأنها منفعة مقصودة مضبوطة، وتمتنع على نزوه حتى يكل الإنزاء للغرر، ومنعه الأئمة مطلقاً لنهيه - عليه السلام - عن عسب الفحل، أو لأنه يُعجز عن تسليمه؛ لأنه باختيار الفحل، أو لأنه تافه لا يقابل بالأعواض، أو لأن فيه استيفاء عين، وكلها مبطلات، والجواب عن الأول: أن النهي محمول على ما فيه غرر من اشتراط الحمل جمعاً بين الأدلة، وعن الثاني: أن تنهيض الفخل لذلك معلوم عادة من طبعه، فهو مقدور على تسليمه، وعن الثالث: أن حركة الفحل مقصودة عادة عند جميع العقلاء ولولا ذلك لبطل النسل، وعن الرابع: أن تلك العين كاللبن في الرضاع للضرورة، قال ابن يونس: قال ابن حبيب: تُعيق الرمكة - بضم التاء وكسر العين - أي: تحمل، والأكوام جمع كوم، وهو الضراب والنزو، ويقال: كامها يكومها إذا فعل ذلك، وإذا سمى شهراً امتنع تسمية المرّات، قال اللخمي: وعن مالك: كراهة بيع عسيب الفحل؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، قال سحنون: إذا استأجر الفحل مرتين فعطبت الدابة بعد مرة انفسخت الإجارة كالصبي في الرضاع. فرع: ويجوز عندنا كراء الأرض التي تروى غالباً اكتفاء بالغلبة، وقال (ش): لا تكفي الغلبة، بل لا بد من القطع بالري حتى يقطع بالتسليم، وفي الكتاب: يجوز كراء الأرض الغارقة إن انكشف ذلك عنها، وإلا فلا كراء بينكما إن لم ينقد؛ لئلا يكون تارة بيعاً وتارة سلفاً، فإن تيقن الانكشاف جاز النقد، وقال غيره: يمتنع العقد إن خيف عدم الانكشاف لأنه غرر. فرع: في الكتاب: يجوز كراء الأرض الغائبة بإفريقية بمصر إذا عرف الدار وموضعها، وإلا فلا، ويجوز فيها لأنها مأمونة، ومنع أحمد الكراء على الصفة لعدم الانضباط (وافقنا (ح) قياساً على البيع). الشرط السابع: أن تكون المنفعة حاصلة للمستأجر. ففي الجواهر: احترازاً من العبادات التي تمتنع النيابة فيها لئلا يحصل العوض والمعوض لواحد، وقاله الأئمة: (قال ابن يونس: قال عبد الملك: يمنع إعطاء الأجرة على طلوع موضع في الجبل بعينه؛ لأنه أكل المال بالباطل. ولا يجوز إلا على ما ينتفع به المعطى). الشرط الثامن: كون المنفعة معلومة، وقاله الأئمة؛ لأن الإجارة معاوضة مكايسة فتمتنع فيها الجهالة والغرر (لنهيه - عليه السلام - عن بيع المجهول) ولقوله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) وفي الكتاب: باع بمائة على أن يتجر بها سنة: هو بيع وإجارة يجوز إن شرط خلف المال إن تلف، كمن استأجر على رعاية غنم بعينها سنة إن شرط الخلف جاز، وإلا فلا، فإن شرط فهلك بعضه فامتنع من إخلافه ووفى الأجير المدة، له كمال الأجرة؛ لأن الأجير أسقط حقه، ولو كانت بمائة غير معينة جاز، وإن لم يشترط الخلف؛ لعدم التعيين، ويجوز اجتماع البيع والإجارة دون الجعل؛ لأن الجّعل عقد غرر، ويصير البيع غرراً، بخلاف الإجارة، ولا يجتمع الجعل مع الإجارة، ومنع (ش) و(ح) الجمع في الكل لتباين العقود، قال صاحب التنبيهات: اشتراط الخلف في المال دليل على عدم تضمين الأجير ما في يديه فيما يبيع به أو يشتري، وجوز سحنون، وغيره عدم اشتراط الخلف في الدنانير والغنم؛ لأن الحكم يوجبه، وإن لم يشترط، قال صاحب النكت: إنما يصح اشتراط التجر بالمائة إذا أخرجها المشتري من ذمته إلى الأمانة. أو يسمي الأنواع من التجارات لئلا ليكون سلفاُ للنفع، وغرراً الشرط ولا يلزمه أن ينزعها لعدم دخوله في الشرط، وإن شرط ذلك امتنع لعدم انضباطه، فيكون عمل الإجارة مجهولاً بخلاف الراعي يشرط عليه رعاية مائة من الغنم؛ لانضباطه عادة، ولو لم يحضر الثمن، وتجر سنة فالربح والخسارة له وعليه لفساد العقد، ويرتجع البائع من سلعته بقدر الإجارة؛ لأن السلعة بذلت في الثمن والإجارة، ويأخذ ذلك من عينها إن كانت قائمة، وقيل: لا يرجع في عينها لضرر الشركة، وحيث صحت الإجارة فمات في نصف السنة جرى الخلف المتقدم هل يرجع في عينها لأنها عين ماله، أو قيمتها؟ وإذا كمل السنة والمائة عروض لم يلزمه بيعها بخلاف المقارض؛ لأنه لا يستحق إلا بعد النضوض ورد عين المال، وهذا استحق السلعة بمجرد العمل، وإذا مضت المائة في خلال السنة فللبائع تمامها: ولا مقال للمشتري؛ لأن العقد اقتضى التجر بمائة، فإن استحقت السلعة بالبينة بعد التجر فله أجرة المثل، والرجوع بالثمن، والربح والخسارة للبائع وعليه. لبطلان العقد بالاستحقاق، وإن ظهر له عيبها في السنة وقد فاتت فقيمة العيب من الثمن، وحصة الإجارة في نصف السنة الماضي، ويتجر في النصف الباقي بما بقي من الثمن فقط بعد إسقاط حصة العيب لتبين عدم قبضه لجملة ما يوجب كمال العمل، وكذلك لو اطلع على العيب قبل العمل وقد فاتت السلعة عمل السنة بما بقي بعد الإسقاط، قال اللخمي: قيل: يمتنع جمع البيع والإجارة؛ لأن الإجارة غرر ببيع ما ليس عندك، وهي بصدد الفسخ، لا سيما إجارة العمل تقل وتكثر، وجيد ورديء، وقد منع مالك ضم الجزاف المكيل، وهو أقل غرراً من الإجارة، وقيل: يجوز البيع والجُعل في عقد، والخلاف راجع إلى بيع سلعتين: أحدهما بالخيار، والأخرى على البت، وحيث أجزنا فحيث كانت تبعاً للبيع، وإن اشتراط في المائة عدم الخلف إن ضاعت، والمحاسبة بقدر العمل: جاز عند ابن القاسم على قوله فيمن باع نصف ثوب على أن يبيع له النصف الآخر، ويشهد المشتري على إخراج المائة في ذمته، وجلوسه في الحوانيت يبيع ويشتري يقوم مقام الإشهاد، ويصدق في الخسارة كعامل القراض، وإن أشكل تجره لنفسه أو للبائع صدق؛ لأنه أمين على ذلك، وإن قال: أخرجت الثمن وضاع قبل الشراء لم يصدق؛ لأنه متهم في إبراء ذمته. ولما يتجر فيه ثلاثة شروط: تعين الصنف ووجوده في الشتاء والصيف، وإن يديره متصل التجر، فإن اشترط تأخيره لتعسر الأسواق امتنع لعدم انضباط العمل، ولو شرط التجارة في السنة مرتين امتنع؛ لأنه لا يشترط منافع معين يتأخر قبضها، ولو استأجر أجيراً على عمل يعمل بعضه الآن وبعضه بعد أشهر امتنع؛ لأن الشروع في القبض كقبض الجملة، ويجوز اشتراط دخول الربح في التجر إن كان قدره في مثل ما جلس فيه للإدارة متقاربا. وإن كان متبايناً امتنع، وكذلك اشتراطهم جبر الخسارة وهي قدر يسير، جاز، وإلا امتنع، وإن مات العامل قبل العمل وقيمة الإجارة مائة فأكثر، والسعلة قائمة فهو شريك بقدر الإجارة، ويخير المشتري بين الرضا بعيب الشركة أو الرد، وإن كانت الإجارة الثلث فأقل رجع بقيمة ذلك عند ابن القاسم، وشريك عند أشهب، ويخير الورثة لدخول الشركة، فإن فاتت السلعة اشترى القليل والكثير، ويرجع عليهم فيما ينوب الإجارة. فإن مات بعد عمل نصف السنة كان قدر صار للبائع جل الثمن المائة بنصف العمل، فيختلف هل يرجع شريكاً في الباقي أو القيمة على ما تقدم؟ وتختلف قيمة الشهور لأنها اكتريت بالنقد الذي ينوب الأول أرخص والأخير أغلا كسلعة أسلم فيها، وكذلك الجواب إذا مرض قبل العمل أو بعد بعضه، وللبائع أخذ ماله إذا مضى بعض السنة، وكان لا يرجى برؤه إلا بعد طول أو ضرر، فإن برئ بعد رجوع المال عن قريب والبائع موسر أتى بمائة أخرى، فإن عجز عن خلفها فسخت الإجارة، قال ابن يونس: لو باع ثوباً بمائة على التجر في سنة فاستُحق أحد الثوبين وهما متكافئان أو الأدنى لم ينتقض البيع، وعليه التجر في ثمن الباقي في سنة لسلامة نصف الصفقة، أو أكثرها، وكذلك لو رد أحدهما بعيب. فرع: في الكتاب: يجوز أن يبيع نصف سلعة لرجل على أن يبيعك نصفها الآخر بالبلد إن ضربت للبيع أجلاً؛ لأنها إجارة منك لذلك النصف إلا الطعام لأنه قد يستهلك فتكون إجارة وسلفاً، فإن باعك في نصف الأجل فله نصف الأجرة، وإن وجد البيع بعد الأجل فله الأجرة كاملة؛ لاستيفاء المنفعة، وإن بيعت نصف هذه السلع على أن يبيع لك النصف ببلد آخر أو بهذا البلد، ولم يضرب أجلاً امتنع. لأنها إجارة مجهولة مع بيع، فإن الوصول إلى ذلك البلد قد يتعذر ويختلف، والأجل يطول وينقص، وعن مالك في الأول: المنع، وإن ضرب أجلاً لأنه تحجير، ولأنه إن لم يبع رجع عليه في النصف المبيع بما ينوب الإجارة، فصار ثمن النصف مجهولاً، وكذلك إن باعه في نصف الأجل، قال صاحب التنبيهات: ومنعه سحنون في كل ما يكال أو يوزن كالطعام؛ لأنه أن باعه دون الأجل رجع في بعض ما باع فصار بيعاً وسلفاً وإجارة أيضاً؛ لأن هذا المحذور ما تعين، وقيل: يمتنع فيه وفيما لا ينقسم؛ لأن المشاع يتعذر عليه التصرف في المبيع، وما ينقسم ويعرف بعينه يأخذ نصيبه منه متى شاء يجوز إذا ضرب أجلاً، وأجازه ابن حبيب فيما لا ينقسم وإن لم يضرب أجلاً، ومنعه فيما ينقسم؛ لأنه كأنه اشترى منه نصف ذلك، وجوزه ابن كنانة في سائر الأشياء إلا في الطعام؛ لأن السلف يكثر فيه، وفي الموطأ: يجوز بيع نصف ثوب على أن يبيع لك النصف الآخر، قال ابن كنانة: أحسبه يريد: ضرب أجلاً أم لا، في البلد أو غيره، ويضرب له من الأجل قدر ما يباع إليه، وعلى المذهب إذا ضرب أجلاً للطعام وشرط عليه أن يباع لهذا النصف قبل الأجل جاءه بطعام آخر يبيعه إلى الأجل يجوز، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: باعه نصف ثوب بعشرة على أن بيع له النصف الآخر شهراً، فباعه في نصف الشهر: ينظر: كم قيمة بيعه شهراً وهو درهمان مثلاً، فقد باعه باثني عشر درهماً، فله سُدس الصفقة، فإذا انفسخ نصف الإجازة انفسخ نصف السدس من الصفقة فيرجع به هو ربع السدس من قيمة الثوب كله، فيأخذه ثمناً نفياً لضرر الشركة إلا في المكيل والموزون، فيرجع به في عينه لتيسير القسمة، قال محمد: يمتنع البيع في المكيل والموزون للرجوع تارة بالثمن، وتارة بغيره، وعن ابن القاسم: إذا أجره شهراً بدرهم على أن يبيع له كل ما جاءه به، فإن لم يجئه بشيء فله الدرهم: يمتنع الغرر. وإن أجره على بيع دابته في إفريقية، فإن هلكت انفسخت الإجارة: امتنع، فإن شرط إن سافر في مثل ذلك بدابة أخرى إذا كان الأجل معلوماً، قال اللخمي: أبيعك نصف العبد على أن تبيع جميعه: يمتنع، وإن ضرب أجلاً؛ لأنه تحجير على المشتري في البيع، وأجازه ابن حبيب فيما لا ينقسم إذا ضربا أجلاً، ويمنع في المنقسم؛ لأنه اشترى ثمن نصف ذلك حيث اشترط بيع جميعه، قال ابن القاسم: أبيعك هذه السلعة وهي كثيرة إلى أجل كذا بكذا، على أني متى شئت تركت: يجوز إذا لم ينقد لامتناع النقد في الخيار، وهي إجارة لازمة لصاحب الثياب، والخيار للعامل، وله كلما مضى يوم بحسابه. فرع: في النكت: بينكما مائة شاة استأجرته على رعايتها، فعند ابن القاسم أجرته على خمسين، فإن اقتسما فحصل لك أكثر من خمسين لم تلزمه رعاية الزائد، أو أقل فلك إتمامها، قال اللخمي: إذا شهدت العادة بصفة عمل أو مقدار ثمن جاز اعتماداً على العادة. فرع: قال اللخمي: إن عين في الخياطة عدد الثياب امتنع الأجل، أو الأجل امتنع العدد، فإن جمع بينهما وهو يجهل الفراغ من ذلك العدد في ذلك الأجل امتنع للغرر؛ لأنه قد يفرغ قبل الأجل (فيخيط بقية الأجل) فيزداد العمل، أو يفضل العمل ويسبق الأجل فيقل العمل، أو يقول: الأجل يقتضي استحقاق منفعة الأجير وامتناع العمل للغير، وتعيين العمل، يقتضي تعلق العقد بصفة الفعل فقط دون منافع الأجير، له العمل للغير فالجميع بينهما متناقض، ووافقنا الأئمة، فإن كان الغالب فراغه في الأجل: فقيل: يجوز لعدم الغرر، وقيل: يمتنع؛ لأن الفراغ في نصف الأجل يسقط باقيه، وهو خلاف الشرط، فإن خاطه بعد الأجل سقط من المسمى ما يسقطه التأخير، وقال عبد الملك: له أجرة المثل؛ لأن هذا العمل غير معقود عليه. فرع: في الكتاب: يمتنع استئجاره على طعام بينكما إلى بلد يبيعه به أن شرطت أن لا تميز حصتك قبل البلد؛ لأن هذا الشرط يشعر بأن الأجرة للحمل وليقاسمك فيما يعرض للطعام من هلاك أو غيره، فيكون المستأجر عليه غير معلوم، وله أجرة المثل، وإن كان له المقاسمة متى أحب جاز إن ضرب للبيع أجلاً، وإن أجرته على طحنه بشرط عدم القسمة قبل الطحن، امتنع، وإلا جاز، وكذلك على رعاية الغنم المشتركة بينكما، يمتنع الشرط ويجوز مع عدمه إذا شرط الإخلاف من حصتك، قال غيره: إذا اعتدلت في القسم حتى يتعين عدد الحصة، ويمتنع استئجاره على نسج غزل بينكما لعجزه عن بيع حصته قبل النسج، قال اللخمي: اشتراطه ذكر الخلف في الغنم هو على أحد قوليه أن المستأجر له يتعين، وعلى القول بعدم التعين الحكم للإخلاف، وإن لم يشترط، قال: وأرى إذا سكتا عن القسمة، وبقاء الشركة: الجواز؛ لعدم تعين المفسدة، قال ابن يونس: يريد بضرب الأجل للبيع أي بعد الوصول للبلد، ولا ينقده إجارة البيع، وحمل ابن القاسم أمرهما في الغنم على الاعتدال في القسم، وإنما واجره على نصف عددها، فإن كانت مائة ووقع له في القسم أكثر من خمسين لم يلزم رعاية الزائد، أو أقل فله الإتمام. فرع: في الكتاب: يجوز استئجار نصب مرحاض بخلاف مسيل ميزاب؛ لأن المطر يقل ويكثر، وفي النكت: جوابه لافتراق السؤال، وهما سواء، وإنما يمنع مسيل الماء إذا اشترى من جاره ما ينزل من ميزابه، بخلاف أن يقول: لك كذا على أن يسيل الماء من داري إلى دراك، يجوز كالمرحاض بخلاف الأول؛ لأنه بيع مجهول، وقيل: بالفرق بين الأمر اليسير فيمتنع، والكثير فيجوز؛ لأن الغالب نزول المطر فيه. فرع: في الكتاب: تجوز على القتل والقصاص كإجارة الطبيب للقطع والبط، وأما لغير التأديب فلا؛ لأن المنفعة محرمة، وإن أجره على قتل رجل ظلماً فقتله فلا أجرة له؛ لأن المحرم لا قيمة له شرعاً، وعليه القصاص، ويؤدب المستأجر على المحرم، ووافقنا الأئمة في ذلك إلا (ح) في قصاص النفس؛ لأن زهوق الروح غير منضبط الضربات في العدد، فهو مجهول، بخلاف الأعضاء، لنا: قوله تعالى: (كُتب عليكم القصاص) ومن لا يحسن لا يتعين على الناس التبرع له فتتعين الإجارة، وقياساً على ذبح الشاة، وعلى الأطراف، قال عبد الوهاب في الإشراف: والأجرة على المقتص؛ لأن المنفعة له، والواجب على الجاني إنما هو التكمين، قال ابن يونس: يُريد بالقصاص: إذا ثبت بحكم حاكم عدل، وفي كتاب محمد: على المستأجر لقتل الظلم ضرب مائة وحبسه سنة، ولو قال: اقتلني ولك ألف درهم فقتله: قال سحنون: اختلف فيه، والأحسن ضربه مائة،حبسه سنة. ويبطل الجعل لتحريم المنفعة، وقال محمد بن عمرو: للأولياء قتله؛ لأنه حق لهم دون المقتول، ولو قال: اقتل عبدي ولك كذا، أو بغير شيء، يضرب القاتل مائة، ويحبس سنة، والصواب: عدم القيمة لوجود الإذن، وقيل: هي للسيد عليه، قال اللخمي: لا يستأجر للقتل والجراح إلا من يأتي بذلك على وجهه من غير عيب ولا تمثيل. فرع: في الكتاب: استئجار الطبيب على العلاج هو على البرء، إن برئ له الأجرة وإلا فلا، إلا أن يشترطوا ما يجوز كالكحال الشهر أو كل يوم بدرهم فيجوز إن لم ينقده؛ لأن البرء قد يتعجل فيكون تارة بيعاً وتارة سلفاً، فإن برئ قبل الأجل أخذ بحسابه، واشترط (ش) في الكحال: الزمان المحدود لتكون المنفعة معلومة، فإن استأجره وهو صحيح يكحله كل شهر بدينار فله النقد؛ لأنه لا يتوقع فيه الرد، ويلزمهما تمامه، قال ابن يونس: قال سحنون: اصل إجارة الطبيب: الجُعالة، فذالك لا يضرب أجلاً قبل، ويكون الدواء من عند العليل كاللبن والجص في بناء الدار، وإلا فهو غرران لم يذهب داؤه باطل، ويدخله بيع وجُعل، وهو ممنوع، وجوز ابن حنبل الأمرين لضرورة الناس لذلك بالعجز عن عمل الأمراض والأكحال، قال ابن القاسم: إن شرط إن لم يبرأ دفع ثمن الأدوية امتنع، وفي الجلاب: قيل: لا يجوز على البرء، والقرآن على الحِذاق إلا مدة معلومة، كقول (ش)، وهو قول ابن حبيب، قال اللخمي: يجوز اشتراط الطبيب من الأجرة ما الغالب أن البرء لا يحصل قبله، واختلف في عمله على الجعالة، وحيث جوزناه فترك قبل البرء فجعل لأخر جُعلاً على البرء: فهل يكون للأول بقدر ما انتفع أم لا قياساً على المساقاة إذا عجز قبل العمل؟ وعن مالك: إجازة أن يكون الدواء من عند الطبيب. فرع: في الكتاب: يمتنع للخدمة شهراً بعينه على أنه إن مرض قضاه عملاً في غيره؛ لاختلاف أيام الشتاء والصيف. فرع: في الكتاب: تجوز إجارة العبد خمس عشر سنة، وهو في الدور أبين للوثوق ببقائها، وقاله (ح) وأحمد، وقال (ش): لا يزاد على سنة أو ثلاثين سنة في العقار، قولان له، ومنشأ الخلاف: النظر إلى الوثوق، وعدمه، ولنا قوله تعالى: (إني أُريد أن أنكحك إحدى انبتي هاتين على أن تأجرني ثماني حِجج فإن أتممت عشراً فمن عندك) وفي الكتاب: تجوز في الدور والرقيق عشرين سنة. والموصى له بخدمة العبد له إجارة ذلك، وقال غيره: تمتنع إجارة العبد السنين الكثيرة لسرعة تغير الحيوان، فيكون في الدواب أشد، قال ابن يونس: وفي الكتاب: للموصى له بخدمة عمره أن يؤخره عشر سنين بالنقد وإلا جاز؛ لأنه كلما عمل أخذ بحسابه، قال اللخمي: الإجارة تختلف باختلافها بالأمن. فآمنها: الأرض، ثم الدور، ثم العبيد، ثم الدواب، ثم الثياب، فيجوز في الدور أربعين سنة بغير نقد، وبالنقد إن كانت جديدة، وكذلك الأرض المأمونة الشرب، ويجوز في القديمة بحسب ما يظن سلامتها، وأجاز في كتاب محمد في العبد عشرين سنة بالنقد، قال: وأرى أن ينظر لسن العبد، فيجوز في سن العشرين: عشرون، ويمتنع في الصبي؛ لأنه لا يعلم حاله عند البلوغ، وكذلك الكبير؛ لأن حال الهرم تختلف، وكذلك يختلف في الحيوان معمرة كالبغال أكثرها أجلاً، ثم الحمير، ثم الإبل، وكذلك الملابس، يجوز في الجميع المأمون. فرع: في الكتاب: إذا أجر للخدمة ليستعمله على عُرف الناس جاز، ولا يجوز أن يشترط: أن سافر أو زرع استعمله للجهالة، قال ابن يونس عن ابن القاسم: يجوز أن يشترط: أن احتاج إلى سفر شهرين في السنة سافر معه لخفة ذلك، وعنه: المنع للجهالة، ولا يشترط عليه عملين متباعدين كحراسة الكرم وخدمة البيت؛ لأنه في معنى تحويل دين في دين، وجوز محمد أن يشترط في شهر من السنة معين عملاً آخر يسميه، وجوز ابن حبيب إجارة شهرين كل شهر بعمل يسميه، أو يؤجره شهراً أو عاماً قيل أمره على عمل آخر خلافه في الشهر الثاني بناء على تقارب العمل كأنها إجارة، ويمتنع ما يتباعد كمن استأجر على عمل لا يشرع فيه إلا بعد شهر. فرع: في الكتاب: المستأجر على بناء الدار عليه الآلة والماء على مقتضى العادة، وعلى حافر القبر ردمه، وكذلك نقش الرحا ونحوه، وقاله الأئمة، فإن فقدت العادة فعلى رب الدار؛ لأن اللفظ لا يقتضي إلا العمل. فرع: في الكتاب: يجوز على حفر بئر يصف موضعها وعمقها إن كانت الأرض معلومة الحال وإلا فلا؛ لأن باطنها قد يكون صلباً، وكذلك فُقر النخل على أن يبلغ الماء، ويجوز على إخراج الماء في الأرض المتقاربة وإلا فالمزارعة. فائدة: قال صاحب التنبيهات: فُقر النخل: إبارها، بضم الفاء، وأحدها فقير، وهو أيضاً حفير يعمل حول النخل يجتمع فيه الماء. فرع: في الكتاب: يجوز كراء الدابة ليركبها أو يطحن عليها، وإن لم يذكر ما يطحن، ويحمل ذلك على العادة، فإن لم تكن عادة فسد، وكذلك دواب الحمل، ويحمل بقدر القوة إن كانت لمالك واحد، وإن كانت لملاك وحملها يختلف امتنع، كجمع السلع في البيع للجهل بما ينوب كل واحد من الأجرة. قال صاحب التنبيهات: إذا لم يسم ما يحمل على الدابة جوز إذا كانت عادة، وقال غيره: إن سمى طعاماً أو بزاً جاز، وإن قال: أحمل عليها ما شئت، امتنع، ويحمل على الوفاق أي عادتهم معرفة الجنس فلا يضر جهل المقدار، وهو ظاهر الكتاب: وقيل: خلاف، والعادة إنما هي في المقدار، ووافقنا الأئمة في الإطلاق والحمل على العادة في الدار والدابة. فرع: في الكتاب: يمتنع كراء الدابة للتشييع حتى يبين منتهاه قال غيره، إلا أن تكون فيه عادة، ويمتنع كراؤها لإفريقية، والأخرى لبرقة حتى يبين التي لبرقة. فرع: في الكتاب: يمتنع كراؤهم لأزوادهم على أن كل من مرض حمل. فرع: قال ابن يونس: قال مالك: يجوز إن تقدمت عن البلد فبحساب ما تكاريت إذا سمي موضع التقدم، أو عرف، وإلا امتنع للجهالة، قال محمد: ولا ينقده إلا كراء الغاية الأولى حذراً من البيع والسلف، ويجوز: أن وجدت صاحبي دون الغاية فعلي بحسابه إن لم ينقد، قال ابن القاسم: إلى مكة بعشرة، وإلى اليمن بخمسة عشر، يمتنع؛ لأنه بيعتان في بيعة إلا أن يقول: بحساب ذلك، إلا أن ينقص من الحمولة أو يزيد فيها، قال عبد الملك: يجوز إلى مكة بدينار، وإلى الطائف بأربعة؛ لأنها صفقة للطائف بخمسة، ويمتنع: إن بلغت الطائف، إلا أن تكون الوجهة الأولى أرخص فيمتنع؛ لأنه يرخصه بإطماعه في الثانية. فرع: قال: يمنع: دابتك المكتراة إلى مكة إذا بلغت بي إلى الطائف فبحساب ما اكتريت؛ لأن كراء الدابة المعينة لا بد فيه من الشروع لئلا يكون المبيع المعين يتأخر قبضه، وإنما جاز ذلك في الأول لأنه شرع. فرع: في الكتاب: يجوز الكراء إلى مصر، وإن كانت اسم الإقليم؛ لأن العادة الفسطاط، بخلاف الشام وخرسان لعدم الانضباط. فرع: في الكتاب: يجوز على حمل رجلين أو امرأتين لم يرهما لتقارب الأجسام، فإن أتاه بفادحين لم يلزمه. والفادح: العظيم الثقيل من الرجال وغيرها. قال ابن يونس: والكراء باق بالوسط. فرع: في الكتاب: يجوز الكراء على زاملة لا يخبره بما فيها، ويحمل على المعتاد، وله من التعاليق المعتاد، وإن شرط هدايا مكة وهي معلومة عادة جاز، وإلا فلا. فائدة: قال صاحب التنبيهات: الزاملة: ما يحمل فيه كالخرج ونحوه. فرع: في الكتاب: يجوز اشتراط عقبة الأجير؛ لأنه معروف. فرع: قال ابن يونس: أجاز مالك إجارته على أن يخيط له ولأهله ما يحتاجون إليه في السنة، والفران على أن يخبز سنة أو شهراً إذا عرف عيال الرجل وما يحتاجون إليه. فرع: قال: قيل إذا كانت الأعمال يتفاوت ضررها بالحانوت لم يجزه حتى يعين العمل، وإلا جاز، قال الأئمة، وقيل: إذا كان الحانوت بسوق عُرف يعمل فعليه دخل. فرع: في الكتاب: يجوز كراء أرض المطر عشر سنين إن لم ينقد، فإن شرط النقد فسد العقد لتوقعه سلفاً، وكذلك لو قرب الكراء وقرب الحرث إلا أن يتمكن من الحرث فحينئذ ينقد تلك الشربة لتحقق الأمان فيها. قال غيره: لا تكرى أرض المطر التي تروي مرة وتعطش أخرى إلا قرب الحرث وتوقع الغيث، وإن لم ينقد للغرر في المنفعة، ويمنع كراؤها بالنقد حتى تروى رياً مأموناً عاماً واحداً، إلا أن تكون مأمونة، كما في النيل فيجوز بالنقد وبغيره. قال صاحب النكت: لا يلزم النقد في أرض المطر حتى يتم الزرع، وينقد في أرض النيل، والمأمونة من غيره إذا رويت، وأرض السقي التي تزرع بطوناً، ينقد عند ابن القاسم كل بطن إذا سلم حصته، وعند غيره إذا روى أول كل بطن، فإن أكرى ثلاث سنين بمائة: قال ابن القاسم: ينقده السنة الأولى الثلث، ولا ينظر إلى تشاح الناس، إنما ذلك في الدور، وليست العادة في الأرض المشاحة في ذلك، وكذلك نخلات أرض السقي، وكذلك قال: إذا هارت البئر بعد سنة أعطي بحسابها على تشاح الناس. فرع: في الكتاب: يجوز كراء مائة ذراع من أرضه الغائبة إذا كانت مستوية كشراء آصُع من صُبرة، ويمتنع في المختلفة كالبيع حتى يسمي أي موضع منها، وقال غيره: يمنع في المستوية حتى يعين الموضع، قال صاحب النكت: إنما منع الغير؛ لأن من قول أصحاب مالك منع ثوب من ثوبين مستويين على أن يضربا القُرعة عليهما؛ لما في الصورتين من غرر القُرعة لغير التساوي، قال ابن يونس: ألزم عليه عدم جواز الشائع لوقوع القرعة فيه، وهو جائز اتفاقاً، وتوقع القرعة لتوقع الاستحقاق. فرع: في الكتاب: إذا اشتريت الزرع على الحصاد، ثم أذن لك رب الأرض في بقائه بأجر أم لا، يمتنع؛ لأنه معرض للجوائح، فهو بيع غرر، ومنفعة الأرض مدة بقاء الزرع مجهولة، وإنما جاز تبعاً لأصل الزرع، وأما المفرد فلا، فإن اشتريت الأرض صحت التبقية. فرع: قال في الجواهر: يصح كراء الأرض من غير تعيين المنفعة من زراعة أو غيرها، ويفعل من ذلك ما يشبه، واشترط (ش) تعيين الزراعة أو غيرها، وجوز على أن يزرع ما شاء حملاً له على الأعلى، فإن أشبه الجميع وبعضها أضر، فسد العقد، ولو قال: انتفع بها ما شئت، جاز، وله زراعة غير ما أجر له من جنسه، وقاله الأئمة، ولو شرط عليه أن لا يزرع إلا صنفاً عينه، امتنع؛ لتوقع تعذره، فإن فعل فله كراء المثل، وإذا اكترى للبناء لا يشترط معرفة مقدار البناء ولا صفته بخلاف البناء على الجدار؛ لأن حمل الأرض لا يختلف. فرع: قال: يشترط في دواب الركوب: الرؤية، والصفة الجامعة للأعراض من الجنس والنوع والذكورة والأنوثة إلا أن يعلم ذلك بالعادة، ولا يحتاج إلى وصف الراكب، بل لو تعين بالركوب أو بالرؤية لم تتعين، وله أن يجعل مكانه مثله، وقال الأئمة في الدار والأرض والدابة؛ لأن المستوفى للمنفعة لا يتعين؛ لأنه مالك، والمالك له سلطان التمليك لغيره بخلاف المستوفى منه؛ لأنه أحد العوضين فيبقى فيه الغرر، والمستوفى به لا يتعين أيضاً؛ لأنه آلة لا تقابل بالعوض إلا في أربعة مواضع تقدم بيانها في الصبيين والدابتين. وحيث كان الكراء في الذمة لا يشترط وصف الدابة إلا أن تكون الحمولة تحتاج لذلك كالدجاج ونحوه، كما لا يحتاج إلى تعيين ما يعطى منه السلم. فرع: قال: إن استأجر لزراعة القمح شهرين بشرط القلع جاز؛ لأن المقصود الفضل، وإن شرط البقاء امتنع لمناقضة شرطه التاقيت، وإن أطلق فسد إن كان العرف الإبقاء. فرع: قال: إذا زرع ما هو أضر فعليه الكراء الأول، وما بين الكراءين. تمهيد: إنما قال ذلك، ولم يقل: عليه كراء الزرع الثاني مع أنه هو الواقع غالباً فإن الشعير إذا كان في العرف بدينار، والقمح بدينارين، فإنه إنما يستأجر للشعير بدينار في الغالب، فإذا زرع القمح يكون عليه دينار، وهو الكراء الأول، وما بين الكرائين، وهو الدينار الذي امتاز به كراء القمح، فيكون المتحصل له ديناران، فلو قال: الكراء الثاني صح، ولا حاجة إلى التطويل، لكن عدل عنه لحكمه، وهو أن الكراء الأول قد يكون فيه نزول عن كراء المثل بسبب حاجة رب الأرض أو غير ذلك فتضيع تلك الرخص المستفادة من العقد، ويبطل موجبه، وكذلك لو وقع بأغلى لحاجة المكتري، أو غير ذلك من الأسباب. ومثاله: كراء الشعير سبعة، وكراء القمح عشرة في العرف اكترى الشعير بدينار لضرورة رب الأرض، أو لصداقته له، ثم زرع قمحا. فعلى قوله: يعطي خمسة، وعلى ما يتخيله السائل يعطى عشرة، فيذهب عليه ما حصله من الغبطة بالعقد، وعكسه لو اكترى الشعير بعشرة لسبب غرض فزرع قمحاً، فعلى قوله: يعطى ثلاثة عشر فلا يفوت على رب الأرض ما حصله من الغبطة بالعقد، وعلى قول السائل: لا يعطي إلا عشرة فيذهب عدوانه لا أثر له، فهذا سر قول العلماء: يعطى الكراء الأول وما بين الكرائين. فرع: في النوادر: قال مالك: إذا أُسكن داراً حياته جازت إجارته لها ثلاث سنين فأقل، ولا يجوز أن يؤاجر نفسه ذلك. فرع: قال: منع مالك كراءها إلى (الإسكندرية) وبعد رجوعك تبقى عليها زرعك شهراً؛ لأنك لا تدري كيف ترجع. فرع: قال الأبهري: يمنع: إن ماتت الدابة انفسخ الكراء؛ لأنه كراء إلى موتها وهو مجهول. فرع: قال: تجوز إجارتها ليسقي دواب القرية إن كانت الدابة معلومة، وإلا فلا. فرع: في النوادر: قال ابن حبيب: إذا اكترى دابة معينة وشرط: إن ماتت فالأخرى مكانها إلى منتهى السفر، أو شرط أن يأتي كراءه مضمون، يمتنع للغرر، وإن نقده وهلكت الدابة المعينة لا يأخذ في نقده دابة أخرى معينة؛ لأنه فسخ دين فيما يتأخر قبضه، فيشبه الدين بالدين، إلا أن يكون موضع ضرورة كالفلاة. فرع: في النوادر: قال ابن القاسم: يجوز دفع الشبكة يصيد بها يوماً لنفسه، ويوماً لك، وفي الشهرين كثير؛ لتظافر الجهالة، ويجوز إجارة الصياد، ويجتهد في إلقاء الشبكة حسب الإمكان. فرع: قال: إذا ضرب أجلاً للدابة، وسمى موضعاً، أو عين عملاً، يمتنع؛ لأنه بيعتان في بيعة فيفسخ، وقيل: يصح،ويكون له المسمى أن بلغ الموضع في ذلك الأجل، وكراء مثله إن لم يبلغ اليه فيه، ولهذا كان الأجل واسعا يدرك فيه الموضع، وإلا امتنع اتفاقاً، وكذلك: أن بلغت في أجل كذا وكذا، فلك كذا وكذا.
|